"شكسبير" هارولد بلوم.. قراءة في خمس وثلاثين مسرحية

15 يوليو 2024
يرى بلوم أنّ شخصيات شكسبير تتطوّر بدلاً من أن تتكشّف فحسب
+ الخط -

رغم مرور أكثر من أربعة قرون على رحيل صاحبها، ما زالت أعمال المسرحي الإنكليزي وليم شكسبير (1582 - 1616) الشغل الشاغل للنقّاد، فمن أحداثها يجترحون المفاهيم والبنى، ووفقاً لشخصياتها يُحلّلون المجتمع والتاريخ. ومن بين أبرز العناوين النقدية التي شملت كلّ أعمال صاحب "هاملت"، يأتي كتاب الناقد الأميركي هارولد بلوم (1930 - 2019) "شكسبير: ابتكار الشخصية الإنسانية"، ليجمع بين علمَي المسرح الكلاسيكي والنقد المعاصر.

صدر الكتاب بالإنكليزية عام 1998، ثم رأت ترجمته العربية النورَ عام 2021 على يد المُترجِم الراحل محمد العناني (صدرت عن "المركز القومي للترجمة"). ومُؤخّراً أصدرت "مؤسّسة هنداوي" نسخة إلكترونية من الكتاب، وأتاحتها مجّاناً عبر موقعها على الإنترنت.

يركّز الكتاب على أساليب بناء الشخصية الإنسانية عند شكسبير

يتناول الكتاب الشخصيات الشكسبيرية بالتحليل، مركّزاً على السياقات الاجتماعية والنفسية التي نشأت فيها كلُّ شخصية، متتبّعاً مسارها، والتغييرات التي طرأت عليها، والمصائر التي آلت إليها، والحوارات الذاتية التي منحتها بعداً فلسفيّاً عميقاً وجليّاً. وينطلق المؤلّف في تحليله من أنّ الشخصية الأدبية قبل شكسبير ظلّت "ثابتة نسبيّاً، فالصور التي تُمثّل النساء والرجال كانت تصوّر أفراداً يتقدّمون في السنّ ويموتون من دون أن يتغيّروا، لأنّ علاقتهم بأنفسهم، لا بالأرباب ولا بالله، قد تغيّرت. أمّا في شكسبير فإنّ الشخصيات تتطوّر بدلاً من أن تتكشّف لنا فحسب، وهي تتطوّر لأنّها أعادت تصوُّر ذواتها".

وينبّه بلوم، في تقديمه للكتاب، إلى أنّ أهمّية مسرحيات شكسبير تتمثّل في أنّها "تقرؤُنا القراءة المطلقة". يكتب: "إذا كان هاملت (أستاذ فرويد) يحرّض كلّ من يقابلهم على الكشف عن أنفسهم، فإنّ هذا الأمير (مثل فرويد) يروغ مِن كلّ مَن حاول أن يكتب سيرته". أمّا عناني فيشير، في تقديمه للترجمة، إلى أنّ "الكتاب يركّز على أساليب بناء الشخصية الإنسانية عند شكسبير، مركّزاً على ما يعنيه بالإنسان، وكيف نجح شكسبير في حين لم ينجح فيه معاصروه الذين تعرّضوا للظروف التاريخية نفسها، وللظواهر الاجتماعية والفكرية والدينية والسياسية ذاتها".

الصورة
هارولد بلوم - القسم الثقافي
هارولد بلوم في مكتبه، 2003

يتناول العمل خمساً وثلاثين مسرحيّة، وينقسم إلى تسعة أبواب: "الكوميديات المبكّرة"، و"المسرحيات التاريخية الأُولى"، و"تراجيديات اكتساب الصنعة"، و"الكوميديات الرفيعة"، و"المسرحيات التاريخية الكبرى"، و"المسرحيات المُشكِل"، و"التراجيديات العظمى"، و"خاتمة تراجيدية"، و"الرومانسيات المتأخّرة".

عمل هارولد بلوم أستاذاً في قسم اللغة الإنكليزية بـ"جامعة ييل" منذ عام 1955 حتى رحيله، كما درّس في "جامعة نيويورك"، وانتُخب عضواً في "الجمعية الفلسفية الأميركية" عام 1995. ألّف وحرّر أكثر من خمسين كتاباً؛ منها أربعون كتاباً في النقد الأدبي، وعدّة كتب في الدِّين، ورواية واحدة. ومن أبرز أعماله: "الرومانسية والوعي: مقالات في النقد"، و"دراسات في التقليد الرومانسي"، و"القلق من التأثير: نظرية الشعر"، و"الشعر والجمع: المراجعة من بليك إلى ستيفنز"، و"شخصيات قادرة على الخيال"، و"التفكيك والنقد"، و"نوح الألفية: غنوص الملائكة والأحلام والقيامة".
 

المساهمون