شادي فرغلي.. ملامح القاهرة في الخمسينيات

في معظم لوحات شادي فرغلي التي تصوّر يوميات حيّة في الحيّ المصري، تظهر حشود من الناس تتحرّك في مكان واحد، كلّ مشغول بعمله وشأنه الخاص، لكن المسارات المتوازية لحركتهم واختلاف طبيعتها هي التي تصنع كامل المشهد وتصبغه بروحية مشتركة.

يقدّم الفنان التشكيلي المصري (1978) منذ معرضه الفرديّ الأول "الحدث" سنة 2007، ملامح لشخصيات مصرية تعود في أغلبها إلى فترة ماضية بلغة واقعية دون الخوض في تفاصيلها وتعابير وجهه، إذ تبدو كأنها عنصر من عناصر المكان متآلف مع عمارته وطقوسه وعاداته.

"مصريات" عنوان معرض فرغلي الجديد الذي يفتتح عند السابعة من مساء الأربعاء المقبل، في "قاعة الباب سليم" بدار الأوبرا المصرية في القاهرة ويتواصل حتى السابع والعشرين من الشهر الجاري، وهو امتداد لمعرض سابق يحمل العنوان ذاته وأُقيم عام 2018.

يستحضر الفنان مزيداً من المشاهد، منها نزول العروس من الحنطور (العربة التي يجرّها الخيل) فيما ينتظرها عروسها وهو يمد يديه باتجاهها، أو في مشاهد أخرى من موكب الزفاف الذي كان يمضي في حارات مصر الشعبية، وهي تضاف إلى لوحات سابقة شكّل المقهى فضاءً أساسياً لها؛ إحدى أبرز ثيماته الفنية التي "تعدّ من بين الأماكن التي تعبر عن أيديولوجية المصريين، فعليها يمكن أن نستمع إلى كثير من الآراء والتحليلات، كما تجمع بين فئات اجتماعية وعمرية كثيرة، فالمقاهي أعتبرها جزءاً من التراث الشعبي المصري"، بحسب تصريحات سابقة.

في لوحات أخرى، يتتبّع فرغلي الحمامات الشعبية، والناس حول بائعي العرقسوس والفول، وفوق العربات الكارو والحنطور، أو مشاركة مجموعة من الرجال في احتفال قوامه العزف على المزمار، أو يقومون بالتحطيب بالعصا، أو يلعبون بالنرد.

يشكّل اللون عنصراً أساسياً في أعماله التي تصوّر تفاصيل حياتية ماضية تعود إلى فترتي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي أو ملامح معاصرة، محاولاً التعبير عن مدى التغير الحضاري والثقافي بين الماضي والحاضر، حيث تأخذنا اللوحات بين شوارع بعينها ذات أثر ثقافي مثل شارع المعز لدين الله، وكذلك منطقة القاهرة القديمة.

في المعرض الحالي، ثمة تركيز أكبر على ملامح الوجوه التي كانت أقل بروزاً في تجارب سابقة، حيث كان يميل الفنان إلى رسم الأجساد في حالة الحركة في المكان، مع اهتمام كبير في تصوير هذا التفاعل بقدر كبير من البهجة وأجواء احتفالية.

يُذكر أن شادي فرغلي يحمل درجة الدكتوراه في الرسم والتصوير، وأقام العديد من المعارض، منها "مصر زمان والآن"، و"وجوه مصرية"، و"ليالي"، و"حكايات مصرية"، و"حكايات شعبية"، ويجمعها مناخات واحدة، لكن بأساليب وتقنيات مختلفة.
 

آداب وفنون

التحديثات الحية

"السريالية والسحر": طريق للفرار من كوارث الواقع