"سيدي علي الأسمر"... السطمبالي وحيداً في تونس

14 سبتمبر 2024
رياض الزاوش في "زاوية سيدي علي الأسمر" بتونس العاصمة (أوغستين لو غال)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في تونس، فن "السطمبالي" ذو الجذور الأفريقية يعاني من قلة الاهتمام الرسمي، على عكس الجزائر والمغرب، حيث يقتصر ممارسته على فرق محدودة مثل "فرقة سيدي علي الأسمر".
- الجمعية الثقافية تسعى لإحياء هذا الفن من خلال إدراجه في مناهج "المعهد العالي للموسيقى" وإقامة مهرجانات دولية، بالإضافة إلى تنظيم فعاليات مثل "براونة" و"المولدية".
- المبنى التاريخي "مقام سيدي علي الأسمر" مهدد بالاندثار، رغم كونه محمياً، والجمعية تسعى لإنقاذه بمساعدة منظمات دولية، لكن تواجه عقبات قانونية.

على عكس الجزائر والمغرب اللتين تنتشر فيهما الكثير من الفرق التي تؤدّي موسيقى الكناوة أو الديوان وتُقيمان مهرجانات وطنية ودولية خاصّة بها، لم يحظَ هذا الفنُّ، ذو الجذور الأفريقية، باهتمامٍ رسمي في تونس التي يُعرَف فيها باسم "السطمبالي"؛ بل إنّ ممارسته باتت، اليوم، تقتصر على عددٍ محدود جدّاً من الفرق.

إحدى هذه الفرق هي "فرقة سيدي علي الأسمر" التي تنشط ضمن "جمعية ثقافة فنّ السطمبالي" التي تأسّست عام 2016، في محاوَلة لإحياء هذا الفنّ، وهي  تُحاول الحفاظ عليه من الاندثار، مِن خلال مطالبة الدولة بإدراجه ضمن مناهج "المعهد العالي للموسيقى" وإطلاق مهرجان دولي تشارك فيه فرقٌ من مختلف البلدان الأفريقية، وأيضاً مِن خلال إقامة حفلات وتظاهراتٍ أبرزُها "براونة" التي تُقام خلال شهر التراث من كلّ عام (18 نيسان/ إبريل - 18 أيار/ مايو) و"المولدية"؛ وهو تقليد سطمبالي قديم جرى التخلّي عنه عام 1942، وتعمل الجمعية على إحيائه منذ عام 2016، من خلال تظاهرة تجمع بين الأغاني الشعبية والموسيقى والرقص، وتُقام في تونس والقيروان للاحتفال بذكرى المولد النبوي.

وتأخذ الفرقة اسمَها من "مقام سيدي علي الأسمر"؛ وهو مبنىً تاريخي يقع في منطقة باب جديد بقلب العاصمة التونسية، ويُشرف عليه رئيس الجمعية، رياض الزاوش، منذ قرابة سبعة وعشرين عاماً. وتتخّذ الجمعيةُ من المبنى مقرّاً لها وفضاءً لأنشطتها الثقافية والفنّية منذ تأسيسها قبل ثماني سنوات.

أبدت منظّمات دولية استعدادها لمساعدة الجمعية على شراء المبنى

ورغم أنّ المبنى يُمثّل جزءاً مِن المعالم التاريخية المحمية والأثرية بموجب أمر مؤرّخ في 22 كانون الثاني/ يناير 2024، إلّا أنّ ذلك لم يمنع من تنقُّل ملكيته بين عددٍ من المستثمرين الخواص. وفي هذا السياق، قال رياض الزاوش إنّ المبنى التاريخي مهدَّد بالغلق والاندثار، بعد أن عرضه مالكُه للبيع، مُعرباً عن أمله في أن تتدخّل الدولة من أجل إيجاد حلّ يُنقذ الفضاء الذي قال إنّه يضمّ جزءاً من التراث الروحي والثقافي للتونسيّين من ذوي البشرة السوداء، ومن التاريخ الثقافي لتونس.

وخلال مؤتمر صحافي عقدته جمعيته أوّل أمس الأربعاء في تونس العاصمة للكشف عن برنامج الدورة الثامنة من "خرجة المولدية"، وهي تظاهُرة تُقام بدعم من وزارة الثقافة لإحياء المولد النبوي، أوضح الزاوش أنّ جمعيته تلقّت بلاغاً رسمياً بضرورة إخلاء المبنى قبل الخامس والعشرين من كانون الثاني/ يناير 2025، مُضيفاً أنّ هذه المشكلة ليست جديدة؛ حيث سبق أن بيع المبنى للخواص عام 1964، ثمّ طرَحه صاحبُه للبيع، قبل أن تتدخّل وزارة الثقافة، في زمن الوزيرة السابقة شيراز العتيري، بإصدار قرار تحفُّظي أوقف عملية البيع.

وأشار الزاوش، الذي حفظ أصول موسيقى السطمبالي ومقاماتها منذ أن كان في الحادية عشرة من عمره، إلى أنّه ظلّ يتواصل، بشكل دائم، مع المسؤولين الذين تعاقبوا على رأس وزارة الشؤون الثقافية في محاولةٍ لإيجاد حلٍّ نهائي ينقذ المبنى، لافتاً إلى أنّ عدداً من المنظّمات الدولية أبدت استعدادها لمساعدة الجمعية على شرائه، غير أنّ القانون التونسي لا يسمح بذلك.

المساهمون