انقطاعٌ مؤقّت، بسبب جائحة كورونا، هو ذاك الذي عرفه مهرجان "آه، تلك الأيام السعيدة" الأدبي، والذي يُقام في مدينة مارسيليا، جنوب فرنسا، منذ عام 2017. انقطاعٌ مؤقَّت، ونسبيّ قبل ذلك: فرغم الجائحة، أُقيمت الفعالية عبر تقنيات الفيديو التي توفّرها التكنولوجيا، في نسختَي 2019 و2020، وهي استمرارية تشرح بالتأكيد قدرة المهرجان على الترسُّخ في المدينة الفرنسية وعلى اجتذاب العديد من الأسماء البارزة في المشهد الكِتابيّ بالبلد.
ضمن النسخة السادسة من المهرجان، التي تُفتَتح اليوم وتستمرّ حتى السبت المقبل، يُقام عند الخامسة من عصر بعد غد الجمعة، في متحف "موسم" بالمدينة، لقاءٌ مع كلٍّ من الكاتب اللبناني سبيل غصّوب، والجزائري الفرنسي حميد آيت طالب، تحت عنوان "باسمِ الأبِ والابن".
يُحيل عنوان اللقاء إلى النقطة، أو بالأحرى النقاط، المشتركة بين الكاتبين: فكلٌّ منهما نشر العام الماضي كتاباً كانت العائلة مركزيةً فيه، إن لم يكن موضوعه الوحيد؛ كما أن كلّاً منهما تناول الحرب، وعرف تجربة الهجرة وما يتطلّبه "الاندماج" في مجتمع غير ذاك الذي جئنا منه.
وسيتحدّث غصّوب عن روايته "بيروت على نهر السين" التي أصدرها بالفرنسية صيف العام الماضي، ونالت نهاية 2022 جائزة ـ"غونكور ـ طلّاب التعليم الثانوي". والعمل لا يخفي أساسه السيَري، حيث يسمّي المؤلف شخصيات عائلته ومعارفه بأسمائها، وتدور الأحداث بين بيروت وباريس، المدينة التي عاش فيها والداه الحرب الأهلية، والمدينة التي وُلد فيها واختبر فيها تجربة المنفى أو الانتماء إلى بلدٍ لم تُولَد فيها.
أمّا آيت طالب ــ مع أن الاسم الذي وقّع به عمله الأخير، والذي يحمله في هويته الشخصية الفرنسية الآن، هو كزافييه لوكلير، حيث اضطُرّ إلى تغيير اسمه العربي بسبب العنصرية في بلد "العلمانية" و"حقوق الإنسان" ــ فيعود في هذا اللقاء إلى كتابه الأخير، "رجل بلا عنوان"، الصادر أيضاً العام الماضي، والذي يتمحور حول تجربة والده، محند آيت طالب.
وكان أبُ آيت طالب قد غادر الجزائر نهاية الستينيات ليعمل في إحدى شركات المعدن شمال فرنسا، قبل أن يعرف مخاض الصعوبات الذي عرفه أغلب المهاجرين من المغرب العربي في فرنسا، إن كان على مستوى السكن، أو الاعتراف بإضافتهم إلى البلد، بل الاعتراف بهم، أو على مستوى الشقاق الثقافي وربما السياسي مع بلد هو أيضاً مستعمِر سابق.
وسيشمل المهرجان العديد من اللقاءات والمحاضرات والحفلات وجلسات القراءة، ومن بينها جلسة تُقام عصر السبت حول إيتالو كالفينو و"عوالمه المتخيَّلة"، يشارك فيها كلٌّ من الكاتب، حائز "غونكور" للرواية، إرفيه لوتلييه، ومترجم كالفينو إلى الفرنسية مارتان رويف.