زيارة موقع: دينا الوديدي

17 يوليو 2021
دينا الوديدي
+ الخط -

تلقي هذه الزاوية الضوء على موقع إلكتروني لمبدع عربي، في محاولة لقراءة انشغالاته، من خلال فضاء استحدثته التكنولوجيا وبات أشبه ببطاقة هُوية للكتّاب.


في 2008، بدأ اسم الفنانة الموسيقية المصرية دينا الوديدي (1987) يظهر على الساحة الفنية ضمن مقترحات جديدة كان الجيل العشريني وقتها - في مصر وفي بلاد عربية أُخرى - يقدّمها للأغنية. وفي الخلفية أنظمة نعرف الآن بأنها كانت تترنّح، فلما أتت موجة "الربيع العربي" سقط بعضها، فأتيح لمن كانوا في الهامش أن يأخذوا نصيباً من الضوء، وكانت دينا الوديدي من هؤلاء.

أثرُ هذا المنعطف جليّ في موقعها الإلكتروني، نجده في النص الذي تقدّم فيه "سيرتها" (عنوان أحد أبواب الموقع)، حيث نقف على أهمية عام 2011 حين أسّست فرقتها الخاصة بعد أعوام من مشاركة فرق أُخرى عروضها وأغانيها ومشاريعها. هل كانت هذه الخطوة ممكنة في سياق غير ذلك التي فرضه ما بعد "25 يناير" حين منح شرعية لأنماط موسيقية لم تكن تصل إلّا عبر حفلات مصغّرة أو من خلال شبكة الإنترنت؟

لكن قبل ذلك، لا بدّ للزائر العربي للموقع أن ينتبه إلى أن صفحة الفنانة المصرية لا تتكلّم العربية، إذ لا نجد فيها إلا النسخة الإنكليزية، والأمر غير مقتصر عليها؛ فالأمر دارج بين الفنانين العرب، ولعلّهم يودّون أن يؤكّدوا بذلك على البعد العالمي لتجاربهم (تؤكّد دينا الوديدي هذه النقطة بشكل صريح بين سطور سيرتها).

توائم الفنّانة المصرية بين هوية الموقع البصرية وخياراتها الموسيقية

لكن مقابل هذا الخيار اللغوي الذي ينتصر للآخر على حساب الذات، نجد توجّهاً نقيضاً على المستوى البصري؛ حيث تؤكّد الوديدي على الهوية المصرية القديمة، من خلال حضور نقائش مصرية بصيع حداثية في مختلف أركان الموقع، وهي بذلك توائمه مع توجّهاتها الموسيقية التي تستند فيها إلى الفولكلور المصري مع تلوينه بالتجريب ضمن أفق نغميّ واسع من حيث الروافد العالمية التي تصبّ فيه.

تخصّص الوديدي باباً للموسيقى بطبيعة الحال، لكنه يبدو أفقر مادةً من بقية الأبواب التي تقترحها (غاليري صور، فيديوهات، توثيق للكتابات الصحافية حولها...)، وهو ما يشكّل مفارقة بالنسبة إلى فنانة تشتغل أساساً على الموسيقى، لكن دينا تعتمد هنا على المنطق الشبكي، فيكفي حضور بعض الأعمال والإعلان على صفحات الفنانة على الشبكات الموسيقية عبر النت حتى يتمكّن الزائر من الوصول إلى أي عمل يريده من أعمالها.

يُحسب أيضاً للموقع أن الوديدي تقدّم من خلاله روزنامة لمواعيد ظهورها، وهو ما يوحي برؤية تخطيطية قليلاً ما نجدها حاضرة في الفضاء الفنّي العربي، وإن كان من الصعب أن نعرف إن كان الجدول المقدّم دقيقاً ومحدَّثاً.

أخيراً، لنا أن نرصد وجهاً مهماً في الموقع يتعلّق بالثقافة البصرية في شموليتها، فإضافة إلى العناية بالإخراج العام، هناك عناية بالصورة التي تحضر في الموقع، وهذه لا تكتفي بتلك الصور التي التُقطت من الحفلات بل نجد أثر بحث فوتوغرافي في تصاميم أغلفة ألبوماتها وصور الفنانة التي تقدّم للزائر تصوّراً يشبه فن دينا الوديدي، فن يبحث عن هوية متفرّدة لا تقطع مع القديم ولا تشبهه، إنها محاولة صياغة من نقطة البدء.

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون