رحيل سالم الدبّاغ: تجريدٌ أقلّ في التشكيل العراقي

06 ديسمبر 2022
سالم الدباغ (جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين)
+ الخط -

لم يمض وقتٌ طويل على تخرّج التشكيلي العراقي سالم الدبّاغ من "أكاديمية الفنون الجميلة العُليا" في بغداد، منتصف الستّينيات، حتى أسّس، مع فنانين عراقيين آخرين، ما سيُعرَف بـ"جماعة المجدّدين". لم يكن أعضاء الجماعة يشتركون فقط في رغبتهم بتقديم رؤىً فنية جديدة على المشهد التشكيلي العراقي، بل في توجّههم وميلهم الفنّي إلى التجريد أيضاً، الذي لم يكن أكثر الرؤى الفنية شيوعاً بين فنّاني العراق في ستينيات القرن الماضي.

يوم أمس الإثنين، رحل الفنّان سالم الدبّاغ عن واحد وثمانين عاماً في الولايات المتّحدة، ليفقد المشهد التشكيلي العراقي واحداً من أبرز الأسماء التي جدّدت فيه وأضافت إليه خلال العقود الأخيرة، حيث اعتُبر الدبّاغ من الجيل الثاني من التشكيليين الذين تتلمذوا على يد الروّاد وسعوا إلى استكمال اشتغالهم التأسيسي، والذهاب به بعيداً، جامعين بين خصائص الفن الرافديني التاريخية ورؤى غربية.

وُلد الدبّاغ في مدينة الموصل عام 1941، وتخرّج من "أكاديمية الفنون" في بغداد عام 1965، وهو العام الذي سيشهد تأسيس "جماعة المجدِّدين" مع فنانين مثل طالب مكّي، ونداء كاظم، وفائق حسين، وليلى العطار، وصالح الجميعي، وعلي طالب، وغيرهم... حيث سيقيمون معرضهم الجماعي الأوّل في العام نفسه ببغداد، قبل أن يتنقّل معهم الدبّاغ في مدن أوروبية، مثل لايبزغ بألمانيا أو لشبونة بالبرتغال، لعرض أعمالهم في قاعات خاصة أو خلال بيناليات فنّية.

عُرف الفنّان الراحل بأعماله التجريدية التي لا تمنح نفسها ومعناها إلى المُشاهِد منذ النظرة الأُولى أو عن بُعد؛ لوحة تتمحور، منذ عقود، حول الأسود والسكّري، ولا تُغادرها البُقع أو المربّعات أو الخطوط المتجاوِرة (هل هي مظروفات بريدية؟ أوشِحةٌ للحزن؟ عشبٌ محروق؟)؛ غموضٌ وخيارٌ لوني يضعان المُشاهِد في عالَم لا ينتمي تماماً إلى صحو النهار، ولا هو بعالم ليليٍّ قاتم.

ونعى الدبّاغَ عددٌ واسع من الشخصيات الثقافية والفنية وحتى الرسمية في العراق، ولا سيّما من الفنانين الذين تتلمذوا على يديه أو استفادوا من خبراته، أو من قِبل زملاء، مثل الفنان فيصل لعيبي صاحي، الذي كتب على منصّته في موقع فيسبوك: "وداعاً سالم الدباغ. خسارتك توجعنا. لك الذكر الطيّب ولنا العزاء بما تركت. السلام لروحك".

المساهمون