رحل مساء الجمعة الماضية الشاعر والأكاديمي الباكستاني قاضي جميل الرحمن (1940 – 2021) في أحد مستشفيات مدينة هري بور (شمال شرق الباكستان) متأثراً بإصابته بفيروس "كوفيد – 19"، حيث أقيمت مراسم الدفن في اليوم التالي.
وُلد الراحل لعائلة ذات مكانة علمية ودينية، حيث كان جدّه قاضي عزيز الرحمن ناشطاً في "جمعية علماء الهند" منذ تأسيسها عام 1919، وأحد المقرّبين من القائد السياسي محمد علي جوهر الذي كان من أبرز الشخصيات الوطنية المناهضة للاستعمار البريطاني، وأصدر صحيفة أسبوعية باللغة الأردية باسم "بيغام – إي – سرباد" من هري بور في أواخر ثلاثينيات القرن الماضي، والتي تحوّلت لاحقاً إلى صحيفة يومية استمرت في النشر حتى رحيله.
أعاد جميل إحياء إصدار الصحيفة بعد انقطاع دام سنوات عدّة، وأدار تحريرها منذ منتصف الستينيات حتى أغلقت عام 1979 بسبب نشره مقالاً ضد الأحكام العرفية التي فرضها الرئيس الباكستاني محمد ضياء الحق بعد انقلابه العسكري وحكمه البلاد حتى سنة 1988.
نال درجة الماجستير في الأدب واللغة الأردية من "جامعة بيشاور" عام 1981، ثم عمل محاضراً في "كلية تشاكيسار"، وانتقل بعدها إلى "كلية هري يور للدراسات العليا" حيث درّس فيها لعشرين عاماً، ثم عُين في "جامعة هافيليان" و"كلية بخانبور" حتى تقاعده عام 2008.
بدأ جميل كتابة الشعر منذ الستينيات، كما اشتغل خلال الفترة ذاتها في الصحافة، ووضع العديد من المؤلّفات في تعليم اللغة الأردنية، إلى جانب مقالاته في السياسة والشأن العام والتربية، كما جمع قصائده ونشرها في مجموعتين شعريتين.
يدوّن في قصيدة بعنوان "نفس المدينة" مقطعاً يقول فيه: "هذه نفس المدينة، هذه مدينتك/ من يفهم لغة الدموع/ هنا الغضب هو الغضب هذه مدينتك/ حيث يضيع بيت الرغبات نعرف وجهتنا/ الذهن مرتبك، الطريق مهجور، عصر يوم حار، هذه مدينتك/ مشهد المجازر هو نفسه في كل قصيدة وفي كل قصيدة/ النهاية تفسد عشق مئات الشباب، فهذه مدينتكم...اليوم ضللنا في شوارعك مرة أخرى، عيوننا قاتمة وأقدامنا نائمة/ عطر شعرك عند كل منعطف، سحر سحر، هذه مدينتك".