رحيل إيفلين بوريه.. معلّمة الفخّار في قرية تونس

04 يونيو 2021
(إيفلين بوريه)
+ الخط -

ارتبط اسم الفنّانة التشكيلية السويسرية إيفلين بوريه، التي رحلت الثلاثاء الماضي، بـ قرية تونس في الفيوم (شمال صعيد مصر) التي استقرّت فيها منذ 1979، وقضت فيها قرابة 42 عاماً. هذا الارتباط ليس مردُّه مجرَّد كونها سويسريةً تركت بلادها في أوروبا وقدمت للعيش في "الشرق"، بل لنجاحها في تغيير وجه القرية وحياة سكّانها؛ حيثُ جعلت منها مركزاً لصناعة الخزف والفخّار وتصديرهما، وحوّلتها إلى مقصدٍ سياحي عالمي.

درست بوريه، وهي من مواليد العاصمة السويسرية عام 1941، الفنون التطبيقية في جامعة جنيف. وفي العام 1960، سافرت إلى مصر رفقة والدها. ولن تكون تلك الزيارة مجرَّد رحلةٍ سياحية كما كان مخطَّطاً لها في البداية؛ إذ قرّرت الاستقرار في البلاد بعد تعرُّفها إلى الشاعر المصري سيد حجاب الذي تزوّجت منه وزارت معه قرية تونس واستقرّا فيها. ورغم انفصالهما بعد خمس سنوات من ذلك، فقد فضّلت مواصلة حياتها في القرية التي غادرتها إلى سويسرا لفترة قبل أن تُقرِّر العودة إليها.

عاشت الفنّانة السويسرية في بيتٍ بنته باستخدام موادٍ مستدامة. وفي إحدى لقاءاتها الصحافية، تروي أنّها حين رأت أطفالاً في القرية يلعبون بالطين ويصنعون منه أشكالاً مختلفة، راودتها فكرةُ إنشاء مدرسةٍ لتعليم صناعة الفخّار، وهو ما تحقّق فعلاً؛ إذ أسّست مدرسةً لتعليم مختلف الحرف اليدوية؛ من خزف وفخار وسجّاد وحصير. وبعد قرابة عشر سنوات من استقرارها في القرية، نظّمت أوّل معرضٍ لأعمالها الفنية، وهو المعرض الذي ستستمرُّ في إقامته بشكلٍ سنوي، إليه مجتذبةً فنّانين وزوّاراً من مختلف أنحاء العالَم.

مدرسة إيفلين بوريه - القسم الثقافي

واللافتُ أنَّ هذا النشاط الفنّي الحثيث سيجلب أنظار السلطات المصرية إلى القرية الصغيرة التي ستستفيد، بفضل ذلك من الكهرباء والمياه، ومِن توافُد السيّاح. وفي المحصّلة باتت الصناعات اليدوية، والفخارية خصوصاً، مصدر دخلٍ مادّي للسكّان الذين أتاحت لهم هذه الحركية بناء بيوت وفنادق جديدة.

وفي الفيلم الوثائقي "راوية"، أضاءت المخرجة المصرية عطية الأبنودي على تجارُب لفتيات من قرية تونس أتاحت لهن بوريه فرصة تعلم فنون الفخار، بعد حرمانهن من التعليم، انطلاقاً من قصّة رواية التي تعلّمت في "مدرسة إيفلين" وباتت تمتلك ورشتها الخاصّة.

تركت إيفلين بوري ابنةً وابناً يدير حالياً مدرسة الفخار التي قامت بتأسيسها. ورغم محاولاتها الحصول على الجنسية المصرية، إلّا أنها رحلت قبل أن تنجح في ذلك، إذ ظلّت الحكومة المصرية تمنحها تصاريح إقامة لفترة طويلة.

المساهمون