رحيل أوبيراتان دامبروزيو: ضد النزعة الاستعمارية للعلوم

14 مايو 2021
أوبيراتان دامبروزيو
+ الخط -

كثيراً ما تتهم حقول معرفية مثل الفلسفة وعلم الاجتماع بأنها علوم داعمة للمركزية أو تعبير عنها، كما تتهم بكونها مثّلت أسلحة استعمارية خلال القرنين التاسع عشر والعشرين. مقابل ذلك، يوجد اعتقاد بأن العلوم النظرية، مثل الرياضيات والمنطق، والعلوم التجربية، كالفيزياء والبيولوجيا، تمثّل حقولاً معرفية محايدة لا تخترقها الأيديولوجيات والمعتقدات.

طوال مسيرته، اشتغل مؤرّخ الرياضيات البرازيلي أوبيراتان دامبروزيو، الذي رحل عن عالمنا أوّل أمس، الأربعاء، على تفنيد هذا الاعتقاد، فعبر تخصّصه في تاريخ الرياضيات كان يكشف المضمرات الاستعمارية التي تتضمنها الكثير من نظريات علم الجبر أو الهندسة أو علم الاحتمالات.

وُلد دامبروزيو عام 1932 في مدينة ساو باولو، وقد كانت بدايات مسيرته توحي بأنه سيكون باحثاً في الرياضيات، يطوّر نظريات التحليل الحسابي في زخمها بين ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، لكنه اختار تخصّصاً فرعياً، ومهجوراً إلى حد كبير، هو تاريخ الرياضيات. وبموازاة ذلك، شغل العديد من المناصب الإدارية والجامعية.

يظل أبرز مؤلفات المؤرخ البرازيلي عمل بعنوان "تدريس الرياضيات: من النظرية إلى التطبيق" (صدر في 1996)، وفيه صبّ مجمل معارفه بتاريخ الرياضيات لاقتراح أساليب جديدة في تدريس هذه المادة انطلاقاً من شعوره بنفور الشباب منها، كما أنه اشتغل في هذا العمل على نزع الأبعاد الاستعمارية في النظريات الرياضية انطلاقاً من نتائج أبحاثه في تاريخ الرياضيات.

لكن قبل هذا الاعتراف الذي حظي به كتابُه، عُرف دامبروزيو من خلال مؤسسة "المركز الدولي للأبحاث والدراسات العابرة للتخصصات"، وقد كان مؤسّسه في 1987 إلى جانب عالم الاجتماع الفرنسي إدغار موران، وعالم الفيزياء باساراب نيكولسكو. كان دامبروزيو يرى بأنه دون معرفة متنوعة لا يمكن فهم المضمرات السلبية في كل تخصّص، كما يرى أنه لا سبيل لاستفادة البشرية من العلوم بشكل عادل ما لم يجر تفكيك التعالي الغربي داخلها.

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون