رحيل أحمد مرسي.. في إعادة قراءة الثقافة الشعبية

20 يوليو 2022
(أحمد مرسي، 1944 - 2022)
+ الخط -

انشغل الباحث المصري أحمد مرسي (1944 – 2022) الذي رحل اليوم الأربعاء، على مدار عقود عدّة في قراءة الأدب الشعبي وتحليل مضامينه وتطوّره التاريخي، وكان من اوائل الباحثين المصريين الذين اعتمدوا على الدراسات الميدانية في جمع المواد والنصوص التي تُروى شفاهة في المدن والأرياف المصرية.

تحوّل الراحل الذي حصل على بكالوريوس اللغة العربية من "جامعة القاهرة" عام 1963، من اهتمامه بصور البطولة والفروسية في الأدب العربي، إلى مجال معرفي آخر شهدت تلك الفترة بداياته الحقيقية في الجامعات المصرية، على يد أساتذة من أمثال عبد الحميد يونس وسهير القلماوي وأحمد رشدي صالح وآخرين.

عاد مرسي إلى الأغاني التي كان يرددها الفلاحون المصريون في قرى كفر الشيخ خلال موسم حصاد القطن، وكذلك في الافراح والمواسم الدينية، والحكايات الشعبية والأمثال، وغيرها من التعبيرات الشفوية التي لم تتوافر حينها المراجع المتخصصة حولها في مصر،  ليصدر كتابه الأول بعنوان "الأغنية الشعبية: دراسة ميدانية في منطقة البرلس" عام 1966.

في عدد من دراساته، أشار إلى عدم وحود ما يسّمى "الفلولكور" مفضّلاً استخدام مصطلحات "التراث" أو المأثورات الشعبية، محاولاً البحث في مناطق لم يتطرق إليها العديد من الباحثين الذين توّجهوا أساساً إلى فنون الرقص والغناء الشعبي، داعياً إلى ضرورة دراستهم للمسرح والأوبرا والفنون الأدائية التي من شأنها إعادة تقديم جزء مهم من التراث المصري والعربي لم ينل حظه من الاهتمام في التوثيق الكتابي.

يوضّح مرسي في كتابه "صون التراث الثقافي غير المادي؛ أرشيف الحياة والمأثورات الشعبية – مصر أنموذجاً" (2013) أن النصف الأول من القرن العشرين شهد تحولات كبيرة في مجالات علمية متعدّدة، ومنها الأدب الشعبي وربطه بالحياة المعاصر، والذي تساجل حوله العديد من الكتاب على صفحات الجرائد والمجلّات آنذاك.

ورأى أن تلك الجدالات لم تكن منفصلة عن تغير في مفهوم اللغة أيضاً، حيث لم تعد اللغة مقصورة على ما يصدر عن الإنسان من كلام منطوق، وإنما اتسعت آفاقها لتشمل الحركة والإشارة والنغمة وتشكيل المادة، وتجاوزت وظيفتها الإبانة لترتبط بتحقيق وجود الإنسان، وتواصله مع غيره من الأفراد في مجتمعه.

يتتبع مرسي تاريخ بناء الأرشيف المصري عبر اللجان والهيئات التي تشكّلت في العصر الحديث، والمراكز المتخصّصة التي أنشئت لجمعه وتوثيقه وتحقيقه لكن ظروف هزيمة حزيران/ يونيو عام 1967 قلّصت إنفاق الدولة المصرية على الثقافة، وصولاً إلى هجرة العديد من الكفاءات إلى البلدان العربية في عقد السبعينيات، إضافة إلى عوائق إدارية وبيروقراطية حالت دون استكمال الجهود المبذولة في هذا السياق.

ترك الراحل العديد من المؤلّفات؛ من بينها: "المأثورات الشعبية الأدبية: دراسة ميدانية في منطقة الفيوم" (1969)، و"الأغنية الشعبية" (1971)، و"الأغنية الشعبية : مدخل إلى دراستها" (1982)، و"الأدب الشعبي وفنونه" (1985)، و"من مأثوراتنا الشعبية" (1998)، و"الأدب الشعبي وثقافة المجتمع" (1999)، و"الإنسان والخرافة" (2003).
 

المساهمون