تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها، في محاولة لإضاءة جوانب أخرى من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم، الرابع عشر من شباط/ فبراير، ذكرى ميلاد الروائي التونسي محمد صالح الجابري (1940 - 2009).
لم تعرف الرواية التونسية الكثير من الإشعاع العربي قبل 2011، ما عدا عدد من الاستثناءات لكتّاب نشروا أعمالهم في بيروت أو القاهرة. لعقود، بدت أن التجارب الروائية التونسية تفتقد إلى التراكم حتى أن معظم من اعتبروا روائيين توقّفوا عند عملين ضمن هذا الجنس الأدبي في الغالب.
من الاستثناءات القليلة - على مستوى التراكم - يمكن الإشارة إلى تجربة الكاتب محمد صالح الجابري الذي أصدر "يوم من أيام زمرا" (1968)، و"البحر ينشر ألواحه" (1971)، و"ليلة السنوات العشر" (1982)، وهي أعمال حظيت بمقروئية محترمة وحضرت في مقرّرات الدراسة في تونس ما أتاح لها انتشاراً ربما لم تعرفه إلى أعمال الكاتب محمود المسعدي. كما انتقلت هذه الأعمال إلى السينما وأبرزها تحويل "يوم من أيام زمرا" إلى فيلم سينمائي بعنوان "رديف 54".
لم تقتصر تجربة الجابري على الرواية وحدها بل أصدر أيضاً مجموعتين قصصيّتين هما: "إنه الخريف يا حبيبتي" (1971)، و"الرخ يجول في الرقعة" (1980)، ووضع نص مسرحية حملت عنوان "كيف لا أحب النهار؟" سنة 1979.
إلى جانب ذلك، أصدر الجابري مجموعة من الكتب البحثية تعدّ هي الأخرى نموذجاً نادراً للتراكم في كتابات القرن العشرين في تونس، منها: "الشعر التونسي المعاصر خلال قرن" (1974)، و"القصة التونسية نشأتها وروادها" (1977)، و"يوميات الجهاد الليبي في الصحافة التونسية" (1983)، و"النشاط العلمي والفكري للمهاجرين الجزائريين" (1983).
تشير هذه الأعمال إلى انفتاح الجابري على أفق أبعد من تونس، ويعود ذلك ربما لكونه عاش سنوات من حياته خارج البلاد منها دراسته في بغداد ثم الجزائر حيث نال شهادة الدكتوراه حول أدب محمود بيرم التونسي، كما شغل لاحقاً منصب مدير "المركز الثقافي التونسي" في طرابلس.