ذكرى ميلاد: محمد إبراهيم أبو سليم.. في تأريخ السودان

27 يوليو 2021
محمد ابراهيم أبو سليم (1927 – 2004)
+ الخط -

تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها، في محاولة لإضاءة جوانب أخرى من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم، السابع والعشرون من تموز/ يوليو، ذكرى ميلاد المؤرخ السوداني محمد إبراهيم أبو سليم (1927 – 2004).


يقدّم محمد إبراهيم أبو سليم، الذي تحل اليوم الثلاثاء ذكرى ميلاده، تحليلاً للبنى الاجتماعية والاقتصاية لمجتمع بلاده في كتابه "بحوث في تاريخ السودان"، حيث يرى أن الزراعة شكّلت القوة الاقتصادبة الكبرى على مرّ العصور، وأن ملكية الأرض أسّست للعلاقة بين مالكها والمنتفع منها، وبين الملاك أنفسهم وبين المالك والسلطة.

ويوضّح بأن هناك ثلاثة توجهات تقوم عليها أنواع التملك، فهناك أرض المرعى، حيث تربية الماشية لذلك تكون العلاقة الإنتاجية جماعية، وتكون القبيلة مسؤولة عن حمايتها، وهناك أرض الفلاحة لذلك يكون عامل الإنتاج هو المزارع نفسه، وبحكم استقاره فيه تسود علاقة سياسية في التملك والحيازة، وهناك الغابات التي تكون المنفعة فيها للجماعة وينطبق عليها حكم أرض الشيوع.

كما يستعرض أبو سليم كيف أثرت أنماط الإنتاج هذه على طبيعة الحكم في السودان مع اختلاف السلطات المتعاقبة في كل إقيلم من أقاليمه، لافتاً إلى جملة متغيرات لعبت دورها في التاريخ الحديث والمعاصر، منها الزيادة المضطردة في عدد السكان، وإدخال أنماط زراعية في منطقة الجزيرة بين النيلين الأزرق والأبيض، وظهور أشكال من الزراعات المتخصّصة.

أما كتابه "في الشخصية السودانية"، فيلفت فيه إلى التلاقح العربي والآسيوي والأفريقي والأوروبي أحياناً، معتبراً أن العوامل التي تعطي الحياة في السودان كانت متعددة خلافاً لمصر، وهي: النيل، والأنهر الصغيرة، والمطر، والمياه الجوفية، والجبال، والسهول، لذلك ظلّت أطراف السودان متصلة ببلاد مأهولة وتستقبل الهجرات من مناطق ذات حضارات متفاوتة، وفي داخل هذا الإطار الطبيعي والبشري وُلدت الشخصية السودانية.

وتأثرت هذه الشخصية بعاملين، بحسب أبو سليم، هما: البيئات المتعددة، فداخل البيئة الخاصة يظهر الفرد السوداني ويأخذ صورته المميزة، وينمو فيها ويتطور ويصنع ثقافته الخاصة، وعامل الحضارة الأوسع الذي يربط بين هذه البيئات، وبالتالي يعطي للشخصية السودانية بعداً جديداً يتمثل في محاولة الالتقاء بالآخر والعيش معه دون التضحية بالفردية أو المزاج الخاص أو الشعور بالمحلية والافتخار بها.

وُلد أبوسليم في قرية سركمتو بوادي حلفا شمال السودان، ودرس علم الوثائق في "جامعة الخرطوم" عام 1955، وعمل بعد تخرجه في مركز مختص بحفظ الوثائق في وزارة الداخلية، ولم يلبث أن تطور المركز على يديه إلى دار الوثائق القومية، ثم نال الدكتوراة في فلسفة التاريخ عام 1966.

درس أبو سليم تاريخ الدولة المهدية في السودان، وهو المصطلح الذي عُرفت به الحركة الوطنية التي قادها محمد أحمد المهدي ومن بعده عبد الله التعايشي خلال الفترة (1881 - 1898)، حيث واجهت هذه الحركة القائد البريطاني غوردون باشا في عام 1885، والذي كان يحكم السودان باسم السلطان العثماني.

ترك الراحل عدة مؤلفات منها: "الحركة الفكرية في المهدية"، و"الآثار الكاملة للإمام المهدي"، و"الختم الديواني في السودان"، و"الفور والأرض"، و"الفونج والأرض"، و"الأرض في المهدية"، و"الخصومة في مهدية السودان"، و"أدباء وعلماء ومؤرخون في تاريخ السودان"، و"مذكرات عثمان دقنة".
 

المساهمون