ذكرى ميلاد: كمال الطويل.. أغنية لمرحلة مضت

11 أكتوبر 2020
(كمال الطويل)
+ الخط -

تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها في محاولة لإضاءة جوانب من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم الحادي عشر من تشرين الأول/ أكتوبر، ذكرى ميلاد الملحن المصري كمال الطويل (1923 – 2003).


ارتبط اسم كمال الطويل بمرحلة بأكملها مثّلتها أغنية "والله زمان يا سلاحي" التي كتب كلماتها صلاح جاهين وغنّتها أم كلثوم، ولحنّها نشيداً وطنياً لمصر قرابة عقدين قبل أن يطلب العدو الصهيوني تغييره خلال مفاوضات كامب ديفيد، عاش أحلامها الكبرى مع أبناء جيله مؤمناً بشعاراتها، كما صحا على خساراتها العديدة.

الأغنيات الوطنية الأبرز خلال الحقبة الناصرية كانت بتوقيع الملحّن المصري (1923 – 2003) ومعظمها بأداء عبد الحليم حافظ مثل "خلي السلاح صاحي"، و"أحلف بسماها وبترابها"، مدفوعاً بحماس وإيمان شديدين لم يغبا عنه حتى عندما قدّم مراجعاته خلال أكثر من مقابلة صحافية، أشار فيها إلى أن الكثير من المسؤولين آنذك لم تكن لديهم أخلاق جمال عبد الناصر.

وقد روى الطويل كيف تلاعب هؤلاء المسؤولين لحرمانه من قيمة جائزة النشيد الوطني التي فاز بها، مستذكراً كيف لحّنه في منزل كوكب الشرق على وقع غارات العدوان الثلاثي على القاهرة، ولم يفكّر بتكريم أو تقدير مقابل ما يفعله. وفي حادثة أخرى، أشار إلى أنه حين أبلغ عبد الحليم برفضه تلحين أغنية "صورة" من تأليف جاهين كان متفاجئاً بردّ وزير الدفاع شمس بدران عليه، حيث تحدّث معه بلهجة آمرة ومتعالية، وكانت النتيجة صدور قرار بمنعه من السفر ليجد نفسه مضطراً في النهاية إلى تلحين الأغنية.

وُلد الفنان الراحل لأب يكتب الشعر ويعمل بالسياسة لكنه لم يقدّم له الدعم في بداياته، حيث اختار بنفسه الالتحاق بكلية الفنون (قسم الزخرفة)، وبعد تخرجه فيها عُيّن رساماً بوزارة الأشغال العامة بمدينة الاسكندرية، وهناك انتسب إلى معهد موسيقي مسائي، حيث تعرّف على الموشحات والأدوار القديمة، وبعض مبادئ الموسيقى على يد الشيخ علي الحارث أحد أساتذة المعهد، وفي عام 1947، انتقل عمل كمال الطويل إلى القاهرة، مواصلاً دراسته في "معهد الموسيقى العربية"، وفيه تعرَّف عبد الحليم شبانة الذي اشتهر في ما بعد بعبد الحليم حافظ.

ورغم أن الطويل درس في قسم الأصوات وحافظ في قسم الآلات، إلا أن الأول غدا ملحناً والثاني مطرباً، وكانت أولى ألحانه أغنية دينية بعنوان "يا رب" أدّتها المطربة فايدة كامل، وبعدذ لك تعاون مع محمد قنديل وسعاد مكاوي، وكان أوّل لحن قدّمه لعبد الحليم قصيدة "لقاء" للشاعر صلاح عبد الصبور والتي لم تلق حظها من الشهرة، مثل ألحان أخرى منها "في يوم من الأيام"، و"في يوم في شهر في سنة"، و"بلاش عتاب"، و"حبيب حياتي"، و"سمراء"، و"على قد الشوق"، و"خدني معاك يا هوى"، و"بتلوموني ليه"، و"بعد إيه".

كما غنّت له نجاة الصغيرة عدداً من ألحانه التي تجاوزت العشرين، من بينها "استناني"، و"بان علىّ حبه"، و"سمارة"، و"على طرف جناحك ياحمام"، و"عش معايا"، إلى جانب ما قدّمه من ألحان لشادية وليلى مراد، ونجاح سلام، وفايزة أحمد، ومحمد عبد المطلب، وسعاد حسني.

كان الطويل صاحب مزاج في تأليف أغلبية أعماله التي لا تزيد عن ثلاثمئة مقارنة بثلاثة أو أربعة أضعافها لجيله من الملحّنين، وقد آثر العزلة بعد رحيل رفيقه عبد الحليم عام 1977 باسثناء أعمال قليلة منها قصيدة "درس خصوصي" لنجاة"، والموسيقى التصويرية لفيلم "المصير" وأغنية "علي صوتك بالغنا" لمحمد منير، إلى جانب اكتئابه بسبب سيطرة شركات الإنتاج على عالم الفن وتردي الغناء.

المساهمون