ذكرى ميلاد: علي الرياحي.. غواية النغم العفوي

30 مارس 2021
(علي الرياحي أمام فرقته الموسيقية)
+ الخط -

تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها، في محاولة لإضاءة جوانب أخرى من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم، الثلاثون من آذار/ مارس، ذكرى ميلاد الملحن التونسي علي الرياحي (1912 – 1970).


كلما ذُكر اسم علي الرياحي، الذي تحلّ اليوم الثلاثاء ذكرى ميلاده، تطرّق مؤرّخو سيرته إلى أنّه لم يتلقَّ تعليماً نظرياً، ولم يتعلّم العزف على أيّة آلة سوى الرقّ الذي استطاع من خلاله ضبط موازين العديد من الألحان التي وضعها على نحو فطريّ، كما هو حال كلمات أغانيه التي ألّفها من دون أن يتعلّم القراءة والكتابة. كان مطّلعاً، فحسب، على الأغنية الشعبية التونسية، وهو ما جعله قادراً على الابتكار والتجديد في هذا المجال.

اعتمد الملّحن التونسي (1912 – 1970) على صوته في أداء جميع أغانيه التي كانت من تلحينه وتأليفه أيضاً، وهي سمة تغلب على تجربته التي تستند إلى طبيعة البيئة التي نشأ فيها، حيث كان والده ووالدته من هواة الموسيقى غناء وعزفاً، ينشغلان بها في السهرات العائلية.

تلقّى الرياحي، وهو لا يزال طفلاً، هديّة من جاره الشيخ محمّد الفاضل ابن عاشور (1909 - 1970)، وهي عبارة عن آلة الحاكي (الغرامافون)، مع عدد من الأسطوانات لمطربين مثل سيد درويش وصالح عبد الحي ومنيرة المهدية وعبد الوهاب وأم كلثوم، فآنست لياليه وبدأ يحفظ من خلالها الأنغام ويتعرّف لاحقاً إلى المقامات الشرقية.

رُفضت أولى أغانيه التي تأثرّت بالتخت الشرقي من قِبل مدير القسم العربي للإذاعة التونسيّة، عثمان الكعّاك، ليعود من جديد ويتعلّم الطبوع التونسية مثل المزموم والماية وغيرها، من خلال إقامته في محلّ عبد العزيز الجميّل، الذي كان متخصّصاً بصناعة الآلات الموسيقيّة وإصلاحها. هكذا استطاع حفظ بعض نوبات المالوف، إلى أن قدّم أوّل حفل غنائي في "دار الثقافة ابن رشيق" في تونس العاصمة سنة 1936.

حقّق الرياحي انتشاراً واسعاً بعد ذلك، حيث أقام العديد من الحفلات التي قدّم خلالها مزيجه من الطبوع التونسية مع المقامات الشرقية، ومنها أغاني "كرافاتك ألوان"، و"زهر البنفسج بكّاني"، و"يا شاغلة بالي"، و"يااللي ظالمني"، و"يعيّشها ويحميها"، إلى جانب أغانيه باللهجة البدوية مثل "بيت الشعر هي على الرّقوبة،" وبمعظم اللهجات والألوان الشعبية، كما اللون الطرابلسي في أغنيتَيْ "ضو القميرة" و"قالتلي كلمة وعاودتها". وقد أدخل في بعض ألحانه آلة الزكرة الشعبيّة، كما مزج العديد من الإيقاعات التونسيّة مثل السّعداوي والفزّاني وإيقاعات أفريقية وعربية أيضاً.

أقام الرياحي العديد من الحفلات في الجزائر خلال الأربعينيّات، وتوّجه إلى مصر عام 1953، حيث أحيا العديد من الحفلات، ونال أداؤه إعجاب محمد عبد الوهاب. واستمرّ في مشواره حتى سقط مغشيّاً عليه على خشبة "المسرح البلدي" في مدينة تونس، ورحل في السابع والشعرين من آذار/ مارس عام 1970.

المساهمون