ذكرى ميلاد: دانيال فاروجان.. قصائد لإحياء الثقافة الأرمنية

20 ابريل 2022
دانيال فاروجان (1884 - 1915)
+ الخط -

تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها، في محاولة لإضاءة جوانب أخرى من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم العشرون من  إبريل/ نيسان ذكرى ميلاد الشاعر الأرمني دانيال فاروجان (1884 - 1915).


في عام 1914، أسّس دانيال فاروجان، الذي تمرّ اليوم الأربعاء ذكرى ميلاده، مجموعة أدبية هدفت إلى إطلاق نهضة ثقافية أرمنية، وأنشأ مع عدد من الكتّاب مثل غوستان زاريان وهاغوب أوشاجان وأهارون دادوريان وكيجام بارسيجيان مجلة "مهيان"، وسعوا على صفحاتها لاستعادة الفن بوصفه مركزاً، أو معبداً كما يعني اسم المجلة باللغة الأرمنية، يمكن من خلال توحيد أمّة مجزّاة مشتتة.

آمن الشاعر الأرمني (1884 - 1915) بروح أرمنية، التي من دونها لا يمكن إحياء ثقافة تعرّضت للطمس منذ نحو ألفي عام، وكان يرى أن الشعر طريقه لتحقيق أمانٍ عديدة، سواء تلك التي تتعلّق بطموحاته القومية إبان حكم الدولة العثمانية، أو بآرائه اليسارية، متبنياً قضايا الطبقة العاملة وصراعها الطبقي لنيل حقوقها.

بيان الجماعة الأدبية كان بمثابة بيان سياسي يدعو إلى مقاومة الاستبداد، معلناً أن الحركة تسعى لبدء النهضة الأرمنية، وتحرير الأمة من قرون من العبودية والظلام، وإعادة ربطها بماضيها، وتشجيع الاستقلال ورفض الاستبداد، سواء من قيادتها الفاسدة أو السلطة التركية.

جاء في البيان: "بدون الروح الأرمنية لا يوجد أدب أرمني ولا فنان أرمني. فكل فنان حقيقي يعبّر فقط عن روح عرقه. نقول: العوامل الخارجية، والعادات المكتسبة، والتأثيرات الأجنبية، والمشاعر المشوهة قد سيطرت على الروح الأرمنية، لكنها لم تقدر على ابتلاعها".

انتقل فاروجان قبل أن يبلغ العشرين إلى مدينة البندقية الإيطالية، حيث التحق بـ"مدرسة رافائيلان"، ثم حصل على منحة دراسة عام 1905 في "جامعة غينت" ببلجيكا التي درس فيها الأدب وعلم الاجتماع والاقتصاد وتخرّج منها سنة 1909، وفي تلك القترة التي عاش خلالها معزولاً، كتب قصائد عديدة تمجّد الشعب الأرميني وإحياء الأساطير والملاحم الأرمنية القديمة والتاريخ الوثني ما قبل المسيحية كنقطة انطلاق ورمز لطموحاته.

عاد إلى قريته برنيج بالقرب من مدينة سيفاس التركية في 1909، حيث درس لمدة ثلاث سنوات. بعد زواجه بأراكي فاروجان عام 1912، أصبح مدير مدرسة القدّيس غريغوري في إسطنبول. وفي 1915، قُتل الشاعر مع خمسة سجناء آخرين في إحدى الغابات بعد تعذيبه، كما سَجّل الكاتب والطبيب روبين سيفاغ الذي شهد مقتله.

في فيلم "حليب، قرنفل، أنشودة إلهية" للمخرج الأرمني نيغول بزجيان، يخرج فاروجان من تاريخه الأرمني الصرف، ليصبح شاعراً عالمياً يقترب في روحه وسيرته من لوركا، فالشاعر القتيل أحد آباء الشعر الأرمني الحديث، رغم أن عمره الأدبي كان قصيراً جداً، فقد قتل بعد 12 عاماً فقط من بدء الكتابة والنشر، وكان عمره 31 عاماً.

كانت سنوات فاروجان القليلة غنية بالإنتاج الأدبي، فقد أصدر أربعة مجلدات شعرية كبيرة؛ هي: "الرعشات" (1906)، و"قلب السباق" (1909)، و"أغاني باجان" (1912)، و"أغنية الخبز" (1921).

لم تُترجَم أشعار فاروجان كاملة إلى العربية، لكن مجموعة من قصائده ضُمّنت في كتاب المترجم فاروجان كازانجيان الذي صدر في القاهرة بعنوان "مختارات من الشعر الأرمني عبر العصور" (المركز القومي للترجمة)، إلى جانب مختارات أقدم للمترجم مهران ميناسيان صدرت في حلب بعنوان "الأقنعة والمرايا - مختارات من الشعر الأرمني".

كتب قصائد مطولة تحت عنوان "أغنية الخبز" يروى أنها صودرت مع اعتقاله، وهي لا تزال مخطوطة لم يُنهِها، ويُقال أيضاً إن استعادتها حصلت برشوة، حيث نُشرت بعد رحيله في عام 1921، وفيها يحتفي بجمال وبساطة الحياة الزراعية في القرية وبالفلاحين الأرمن في الأناضول.

 

المساهمون