رحل أمس الثلاثاء أستاذ الآثار الإسلامية والباحث العراقي حميد الدراحي (1941 – 2020) الذي يعد أحد أبرز الدارسين لـ التراث العثماني في المدن العراقية، والمشتغلين في عدد من مشاريع تأهيل المواقع التاريخية في بلاده، إلى جانب اهتماماته بالسلب الذي تعرّضت له المواقع الأثرية بعد الاحتلال الأميركي عام 2003.
وُلد الراحل في بغداد لعائلة كانت تسكن قضاء كميت في محافظة ميسان جنوب العراق نزحت إلى العاصمة في ثلاثينيات القرن الماضي، وتخرّج من قسم الآثار في "جامعة بغداد" عام 1963، ونال درجتي الماجستير والدكتواه في الاختصاص نفسه.
شغل الدراجي العديد من المناصب حيث عُيّن أمين متحف في المؤسسة العامة للآثار والتراث، ثم رئيس قسم التراث فيها فمديراً عاماً لدائرة التراث، إلى جانب عمله مدرساً في كلية الفنون الجميلة وجامعة القادسية، وترّس عدداً من هيئات صيانة مواقع مثل بوابة المدرسة المرجانية، وخان ضاري، ومنارة سوق الغزل، والبيوت التراثية في الباب الشرقي ومبنى القشلة في مدينة بغداد، والمسح والتوثيق في مدينتي كركوك وديالى، وساهم في إعداد دراسة موسعة وشاملة حول العاصمة العراقية.
في كتابه "البيت العراقي في العصر العثماني وعناصره المعمارية والزخرفية" (2008/ من جزأين)، يختار خمسة عشر بيتاً ممثلاً لجميع البيوت في العراق، حيث الطراز الحيري في مدن الشمال مثل كركوك والموصل وأربيل والتي تظهر فيها التأثيرات التركية، وبيوت بغداد والنجف خاصة فترة مدحت باشا عام 1869، وبيوت الجنوب في مدينة البصرة القديمة، وفيها جميعاً تظهر الزخارف النبانية والحيوانية والهندسية والنقوش الكتابية.
أما في كتاب "الربط والتكايا البغدادية في العضر العثماني.. تخطيطها وعمارتها" (2001)، فيدرس الدراجي المباني التي شيّدت لأغراض دينية كالتعبد والاعتكاف عند الطرق الصوفية في المدن العراقية، وعلاقتها بأنماط العمارة العربية الإسلامية، وتطوّر تخطيطها تبعاً لوظائفها المستحدثة.
كما يستعرض في كتابه "أضواء على سرقة المتحف العراقي" (2010) سرقة عشرات الآلاف من القطع الأثرية من المتحف إثر احتلال الجيش الأميركي لبغداد، وكيف امتد النهب لنبش مواقع أثرية وتسريب آثارها إلى الخارج، في حين لا يزال قسم من المواقع يتعرض للحفر والسرقة.
أصدر الدراجي مؤلّفات عدّة، من بينها: "الأعمدة والتيجان في الإمارة التراثية"، و"المصطلحات العمارية والفنية في العمارة التراثية"، و"مظاهر العمارة التراثية في مدينة بغداد"، و"المباني التراثية في محافظة ديالى وخصوصيتها"، و"المباني التراثية في مدينة النجف وخصوصيتها بين الأمس واليوم"، و"البصرة.. دراسة في التراث الحضاري"، وغيرها.