"حلم العقل": سيرة فرانسيسكو غويا لتأمُّل الحاضر

24 يونيو 2023
من العرض
+ الخط -

في مطبوعات "النزوات" الساخرة، وصل فرانسيسكو غويا إلى أوج إبداعه الفني؛ فقد نقش الرسّام الإسباني (1746 - 1828) ثمانين مطبوعة في أواخر القرن الثامن عشر، لنقد وهجاء مجتمع تلك الفترة، لا سيما طبقة النبلاء ورجال الدين.

وتكاد مطبوعة "حلم العقل الذي ينتج الوحوش"، ورقمها 43 في السلسلة، أن تكون أشهر تلك المطبوعات، لأنّه عبّر فيها عن الخيال الذي هجره العقل، فراح ينتج وحوشاً مستحيلة، من بينها ربّات الفنّ.

في عام 1970، استلهم الكاتب والمسرحي الإسباني أنطونيو بويرو باييخو (1916 - 2000) عنوان مطبوعة غويا ليكتب مسرحية "حلم العقل"، والتي تُعرض حالياً وحتى التاسع من تمّوز/ يوليو المُقبل على خشبة "المسرح الإسباني" في مدريد.

أمام غياب العقل وضبابية الفكر، لن ننتج إلّا وحوشاً

يستعيد باييخو في نصّه، الذي نقله إلى المسرح وأخرجه خوسيه كارولو بلاثا، سيرة حياة غويا، إضافة إلى شخصيات أُخرى وهمية، لينقل لنا الحقبة التاريخية لعام 1823، ويعيد بذلك خلق مشهد المؤامرات التي شهدتها مدريد، لا سيما في ما يخصّ العلاقة بين السلطة والحرية.

إنها اللحظة التاريخية التي يستلم فيها فيرناندو السابع الحكم، ويمارس السلطة بطريقة مطلقة، ويتجلّى ذلك بشكل واضح في عملية القمع القاسية التي تبدأ ضدّ الليبراليين والمفكّرين والمبدعين، وتطال غويا نفسه.

استطاع مخرج العمل أن ينقل مواصفات مسرح باييخو الذي ينزع عموماً إلى عرض الكائن الإنساني وقيوده المؤلمة، وتوقه إلى الحرية، عبر تحديد سيرة غويا؛ الذي تمكّن من البقاء مخلصاً لقناعاته، وإسقاطها على ما يعانيه المواطن اليوم من سلطات مطلقة ووحوشٍ مخيفة، سواء كانت ثقافية أو سياسية أو اجتماعية.

إنّنا أمام غياب العقل، أمام ضبابية الفكر، لن نصنع ولن ننتج إلّا الوحوش، ولكن وجود شخصيات مُبدعة مثل غويا، وغيره من الشخصيات التي يبدعها بويرو في مسرحيته، يؤكّد لنا أنّ حلم العقل الأوّل، مهما كان فيه من الوحوش، ليس إلّا الحرية.

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون