يبدو أنَّ الإقبال على "معرض إسطنبول الدولي للكتاب العربي" في "مركز المعارض" بإسطنبول، والذي تتواصل دورتُه السادسة حتى السابع عشر من الشهر المقبِل، يفوق توقُّعات المنظِّمين باستقبال 120 ألف زائر يومياً. إقبالٌ يرتبطُ بعودة المعرض بعد انقطاع سنتَين بسبب جائحة كورونا، وأيضاً بتكثيف الفعاليات الثقافية المرافقة، وبالتخفيضات التي تُقدّمها دور النشر المشاركة.
في حديثه إلى "العربي الجديد"، يَصف مدير "دار الأرض الواسعة للنشر" وصاحب "مكتبة فكر وفن"، جلال الطويل، الإقبال على المعرض هذا العام بأنّه الأكبر مقارنةً بدوراته السابقة، مضيفاً أنَّ السبب يتمثّل في "تلهُّف القرّاء للكُتب؛ لكَون المعرض يأتي بعد غياب دام سنتَين، وليقينهم بأنَّ العناوين التي يعرضُها غير متوفّرة خارجه".
كما يعتقد الطويل أنَّ لِعناوين الندوات والمحاضرات المرافقة، والترويج الذي سبق تنظيم دورة هذا العام، دَورا إضافيا في زيادة الإقبال على المعرض.
ويشير المتحدّث إلى أنّ جناحه ركَّز على كُتُب الأطفال التعليمية والترفيه "لأنَّ مخاطر غربة الأطفال السوريّين والعرب عن لغتهم تتعاظم مع الوقت، خصوصاً بعد إغلاق المدارس السورية والتحاق الأطفال بالمدارس التركية التي قلّما تَستخدم العربية في تعليم اللاجئين. لذا حرصنا، إضافةً إلى المشاركة بكُتب تاريخية وقصصية وروائية، على التركيز على طرائق تعليم العربية للأطفال عبر سلاسل تعليمية وترفيهية وقصص للأطفال"، مضيفاً: "حتى الآن، أعتقدُ أن هدفنا يتحقّق؛ إذ ثمّةَ إقبالٌ كبير على اقتناء الأهل لكتب الأطفال".
تغيبُ دُور نشر بارزة وتحضُر إصداراتها في أجنحة دُور أُخرى
تشهد الدورة مشاركة 250 دار نشر من 23 بلداً. لكنَّ الوضع المرتبط بالجائحة حالَ دون الحضور الفعليّ لعددٍ غير قليل من الناشرين العرب. وقد وجدَ هؤلاء في إسناد عرض إصداراتهم إلى مكتباتٍ ودُور نشرٍ حاضرة طريقةً في الوصول إلى زوّار المعرض. فعلى سبيل المثال، تشارك "مكتبة خطوة" إسطنبول، في جناحها، بوكالات حصرية لعددٍ من دور النشر الغائبة؛ مثل "الرافدين"، و"الجمل"، و"المدى"، بحسب ما تُوضّحه مديرتُها نور المفتي.
في هذا السياق، يُشير جميل حسين، مسؤول التسويق في "وكالة أكدم"، إلى أنَّ الأخيرة تُمثّل وكيلاً حصرياً عن عدّة دور نشرٍ عربية؛ حيث تقوم بتوزيع كتبها في تركيا، كما تمتلك حقوق نشر أعمال كتّاب عرب بارزين؛ مثل جورج طرابيشي، وميخائيل نعيمة، وتوفيق الحكيم.
ويعتبر حسين، في حديثه إلى "العربي الجديد"، أنَّ لتزامُن معرضَي الرياض وأذربيجان دورا في عدم حضور دور نشر عربية كُبرى، ما أسهم في الاعتماد على الوكلاء، مضيفاً أنَّ بعض الدور تعتمد هذه الطريقة أيضاً لتفادي التنقُّل وتكاليف السفر والإقامة.
بحسب مشاهدات "العربي الجديد"، تغلب دُور النشر والمكتبات العارضة لكتب التراث والأديان على المعرض؛ حيث تُغطّي قرابة ربع مساحته، بحسب تقديرات منسّق عام التظاهُرة، محمد أغير أقجة.
وتشارك في المعرض قرابة ستّين دار نشر ومكتبة متخصّصة في التاريخ الإسلامي والكتب التاريخية، من بينها "مكتبة الإرشاد" التي تأسّست في تركيا قبل خمسين عاماً، والتي يقول مديرها، في حديث إلى "العربي الجديد"، إنّها تتوفر على نحو تسعة وثلاثين ألف عنوان.
غلبةُ الكتاب الديني على المعرض تحرم القارئ من التنوُّع
يُفسّر الشاعر السوري ياسر الأطرش غلبة الأجنحة العارضة للكتب الدينية والتاريخية بـ "إدراك المشاركين في الدورات السابقة رواجَ الكتاب الديني، ووجود جاليات عربية في تركيا معظمُها ذات توجُّه ديني أو تنامى هذا التوجُّه لديها بعد ثورات الربيع العربي".
وبرأي الأطرش، فإنَّ ذلك "يؤطّر المعرض ويحرم القارئ من كثير من الإنتاج الثقافي المتنوّع، خصوصاً أنَّ التشابُه بين كُتب تلك الدور والمكتبات يصل حد التطابق، سواء بالنسبة إلى نُسَخ القرآن الكريم أو التفاسير أو السيرة النبوية".
في سياق آخر، شهد اليوم الإثنين تكريماً للفائزين بـ"جائزة المترجم عبد القادر عبد اللي" التي أعلنتها "دار موزاييك" في إسطنبول، بهدف "تأهيل مترجمين شباب، من وإلى التركية". ويقول مدير الدار، محمد طه عثمان، لـ "العربي الجديد"، إنَّ الجائزة "جاءت لسدّ الفراغ بين الثقافتَين العربية والتركية، خصوصاً بعد الانفتاح الكبير ووجود أكثر من خمسة ملايين عربي في تركيا".
ويضيف: "رغم ذلك، لا يزال كثير من الكتّاب، الأتراك والعرب، مجهولين بالنسبة إلى القارئ مِن الجانبَين. لذا أطلقنا الجائزة التي تحمل اسم أبرز مترجم عربي عن التركية بهدف فسح مجال الترجمة للأسماء الجديدة".