"تستور للمالوف": حين لا يبقى من المهرجان إلّا ظلّه

20 يوليو 2023
من دورة سابقة
+ الخط -

إذا أراد المرء الوقوف على التدهور الكبير الذي تعرفه النشاطات والفعاليات الثقافية التونسية، فيكفيه أن ينظر إلى ما آل إليه، في الأعوام القليلة الماضية، "مهرجان تستور الدولي للمالوف والموسيقى العربية التقليدية"، أحد أعرق المهرجانات في البلد (تأسّس عام 1967).

فبعد فترات ــ تبدو لنا اليوم "ذهبية" ــ استطاع فيها المهرجان تقديم أسماء بارزة في الغناء والموسيقى العربيين التراثيين، وحتى المعاصرَين، إلى جانب أسماء "دولية" شكّلت في بعض الدورات نصف عدد الفرقات والفنانين المدعويين، بدأ المهرجان، حتى قبل جائحة كورونا، بالتراجع، مقدّماً برامج تجمع بين الخفّة، والاكتفاء بالمحلّي، واللجوء إلى الأسماء والفرق التجارية.

حالةٌ من التراجع تستمرّ مع الدورة الجديدة (وهي السابعة والخمسون) من المهرجان، التي تنطلق الثلاثاء المقبل، الخامس والعشرين من تمّوز/ يوليو، وتستمرّ حتى الثالث من آب/ أغسطس المقبل، بمشاركة تسعة عروض فقط.

وباستثناء عرضٍ واحد لـ"فرقة ليبيا للمالوف والموشّحات والمنوعات الغنائية"، فإن جميع الفرق والأسماء المشاركة تونسية، حيث تجمع العروض بين أسماء جماهيرية، مثل درصاف حمداني، وأُخرى معروفة في هذا اللون التقليدي التونسي، مثل الموسيقار والمغنّي زياد غرسة، إلى جانب فرق تبدو أقرب إلى موسيقى الهواة من العمل الموسيقي الاحترافي.

وفي المؤتمر الصحافي الذي عقدته الجمعية القائمة على المهرجان الأحد الماضي في صالة مطعم (!) بالمدينة التونسية، برّر المنظّمون هذه البرمجة الضعيفة بشحّ التمويل الذي يتحصّل عليه المهرجان، والذي يراوح بين 20 و74 ألف دينار تونسي، في حين تُعَدّ ميزانية بعض المهرجان الأُخرى، مثل قرطاج، بأكثر من ثلاثة ملايين دينار.

وتتالت انتقادات تراجع المهرجان على وسائل التواصل الاجتماعي، ولا سيّما صفحة المهرجان على "فيسبوك"، حيث وضع البعض أصابعهم على غياب "العروض اللائقة"، في حين تمنّى آخرون لو قامت إدارة المهرجان برفض إقامته هذا العام احتجاجاً على ضعف التمويل الذي تقدّمه وزارة الثقافة، بقصد الضغط عليها.

وقد استدعت هذه الانتقادات إصدار القائمين على المهرجان توضيحاً، نشروه على صفحتهم يوم الإثنين، أكّدوا فيه "تفهُّمهم" لـ"امتعاض جمهور المهرجان من برمجة الدورة 57"، مشيرين إلى أن الأمر "يتجاوز الهيئة المديرة" للمهرجان، والتي تقول إنها "حرصت منذ توليها علي توفير برنامج تراعي فيه خصوصية المهرجان من خلال المباريات، وهي قيمة ثابتة" فيه، و"كذلك تطعيم المهرجان بعروض شبابية و استعراضية".

وأضاف البيان أن هذا المسعى بقصد التنويع "قوبل بمعارضة شديدة من طرف وزارة الإشراف"، ما أدى إلى "حصر المهرجان في الخصوصية، وهي المالوف، وحرمان جمهور تستور من هذه العروض"، مشيراً إلى أن "تقليص الميزانية شكّل عائقاً كبيراً في برمجة بعض العروض التي تلبّي رغبات جمهور تستور".

يُذكَر أن المهرجان يُفتَتح مساء الثلاثاء المقبل بعرض بعنوان "شيشتري" لـ"بيت المالوف" التونسي، يشارك فيه كلّ من درصاف حمداني ومحمد علي شبيل وهيفاء اليحياوي، ويقوده الموسيقار مكرم الأنصاري، في حين تُختَتم العروض مساء الثالث من آب/ أغسطس المقبل بحفل للفنان زياد غرسة.

الأرشيف
التحديثات الحية
 
المساهمون