بُنوا بيترز: جاك دريدا في ثلاثة فصول

27 أكتوبر 2022
جاك دريدا في باريس، 1997 (Getty)
+ الخط -

خلال حياته، كان الفيلسوف الفرنسي، المولود في الجزائر، جاك دريدا (1930 ــ 2004)، شاهداً على إصدار الأكاديمي البريطاني جوفري بينينغتون سيرةً ذاتية له، وضعها بعد التواصل معه ومحاورته حول مساره وتجربته، بعنوان "جاك دريدا" (1991).  

وعلى الرغم من عدم رضا دريدا التام عن هذه السيرة، كما لمّح الفيلسوف في أكثر من حوار له، إلّا أن كتاب بينينغتون تحوّل إلى مرجع ــ ولا سيّما في العالم الأنغلوساكسوني ــ حول واحد من قلائل الفلاسفة الذين عرفوا النجومية خلال القرن الماضي.

لكنّ نجْم السيرة التي وضعها بينينغتون سينطفئ مع إصدار الفرنسي بُنوا بيترز لكتابه "جاك دريدا" عام 2010، الذي كان أكمل وأشمل وأكثر دقّةً من عمل بينينغتون، والذي يُعَدّ اليوم العمل المرجعيّ حول صاحب "الكتابة والاختلاف"، وهو بلا شكّ ما يدفع دار "فلاماريون" الفرنسية إلى إصداره في طبعة جديدة ظهرت قبل أيام.

غلاف دريدا

الكتاب عبارة عن عملٍ ضخم (نحو 750 صفحة من القطع الكبير) يتتبّع مسيرة دريدا في تفاصيلها، بالاستناد إلى أرشيفه الشخصي، ورسائله التي حصل عليها بيترز من أصدقاء الراحل من كتّاب ومفكّرين وأقارب، كما أنه يستند إلى شهادات بعض المقرّبين منه وأفراد عائلته، وهو ما يجعلنا نرافق الفيلسوف منذ سنين صِباه الجزائرية وحتى يوم رحيله.

ويقسّم المؤلّف الكتاب إلى ثلاثة أجزاء رئيسية، أوّلها يعنونه بـ"جاكي"، وهو الاسم الذي كان يُطلق على دريدا منذ طفولته وحتى سنين الدراسة الجامعية، حيث يميّز بُنوا بيترز هنا بين هذه الفترة التي قضاها دريدا في القراءة بالجزائر أو في الدراسة في المدرسة العُليا للمعلّمين بباريس، وبين "دريدا" ــ وهو عنوان الجزء الثاني ــ الاسم الذي سيأخذ بالحضور في عالم الفكر الفرنسي بدءاً من عام 1967 الذي شهد إصدار الفيلسوف الراحل ثلاثة من كتبه البارزة ("في عِلم الكتابة"، "الكتابة والاختلاف" و"الصوت والظاهرة").

أمّا القسم الثالث والأخير، فيحمل عنوان "جاك دريدا"، وفيه سردٌ للسنوات (1984 ـ 2004) التي تكرّس فيها اسمُ الفيلسوف حول العالَم، كما باتت فيها رؤيته الفلسفية ــ أي التفكيكية ــ واحدة من أكثر التيّارات جذباً للنقاشات في العوالم الأكاديمية. كما يعرّج بيترز في فصول هذا القسم على علاقة دريدا بهايدغر، وكتابته لأعمال يزداد فيها حضور السيرة الذاتية، وعلى شيوع التفكيكية في الولايات المتّحدة، وتوجّه الفيلسوف في نهاية حياته إلى أفكار الحوار والتصالح، إضافة إلى انشغاله بمسألة الموت.

المساهمون