بارادوكسا الآثار

29 اغسطس 2021
من كوليزيوم الجم (تونس)
+ الخط -

في اليونانية القديمة، تعني مفردة "بارادوكسا" شيئاً غير قابل للإمساك (para) في رأي (doxa). في الاستعمال المعاصر، تراجع هذا المعنى بالتدريج لصالح دلالات أخرى أهمّها توليد وجوه متناقضة من الشيء نفسه.

كلّ هذه الدلالات لمفردة "بارادوكسا"، قديمها وحديثها، نجدها حاضرة في قضية الآثار عربياً. نحن أمام تمجيد مبالغ فيه أحياناً، قد تتبناه أنظمة فتضُخّه بأدوات أسطَرةٍ معاصرة أو تحوّله إلى واجهات سياحية، كما أننا في نفس الوقت أمام حالات من الإهمال والتخريب والتهريب، وصولاً إلى عمليات الهدم التعسّفي. فكيف تتجمّع كل هذه التمثّلات والمواقف والممارسات المتباينة في القضية ذاتها؟ تلك هي بارادوكسا الآثار عربياً.

من خصائص البارادوكسات (المفارقات في العربية) أنها تبدو ظاهرياً مسألة عابرة، فيما يكشف إمعان النظر فيها عن أبعاد عميقة ومعان محتجبة. وبلا شك فإن هذا التضارب في التعامل مع الآثار عربياً يحتاج إلى إمعان نظر مطوّل، وسيفضي إلى إعادة اكتشاف علاقتنا بالتراث، وقبل ذلك سنفهم ما الذي نجعل منه أثراً تاريخياً نقدّسه وما الذي نُسقط عنه هذا التصنيف فنتركه للاندثار. 

لا تزال هذه الانتقائية ضمن المسكوت عنه، ضمن غير المبحوث فيه، وربما غير المفكّر فيه. وحتى يتغيّر هذا الواقع، ستظلّ الآثار بيننا مجرّد أغراض تستعملها الدولة، وتتهجّاها الشعوب مثل لغة لم تُكتشف أبجديتها بعد.

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون