على خلاف كثير غيره من المهرجانات الفنّية والثقافية في الجزائر، لم ينقطع "المهرجان الوطني للعيساوة" بسبب الحراك الشعبي الذي شهدته البلاد في 2019، أو الإغلاق الذي تلاه بسبب انتشار جائحة كورونا، بل قبل سنوات من ذلك؛ فقد توقّف عند دورته العاشرة التي أُقيمت عام 2015، قبل أن يُستأنف العام الماضي.
هذا العام، يصل المهرجان إلى دورته الثانية عشرة، والتي انطلقت الثلاثاء الماضي في مدينة ميلة شرقي الجزائر وتستمرّ حتّى اليوم الجمعة، بمشاركة ثلاث عشرة فرقة من مدن جزائرية مختلفة؛ مثل ميلة وقسنطينة وسوق أهراس وقالمة وعنّابة والمدية ومستغانم وبشّار.
تُقام العروض في "دار الثقافة مبارك الميلي" بالمدينة، إضافة إلى فضاءات أُخرى في بلديات فرجيوة والتلاغمة وشلغوم العيد. وإلى جانب العروض الموسيقية، تتضمّن التظاهرة ندوات يتناول فيها باحثون في هذا الفنّ التراثي مواضيع مثل "البعد الروحي للفنّ العيساوي" و"محاولات الطمس الاستعماري وصمود الثقافية الجزائرية".
يُشار إلى أنّ موسيقى العيساوة، التي تُؤدَّى بآلات إيقاعية كغيرها من الفنون الصوفية الأُخرى، ترتبط بالطريقة العيساوية التي تأخذ منها تسميتها؛ وقد عرف هذا اللون انزياحاً عن الجانب الديني ليكون أقلّ روحانيةً وأكثر ارتباطاً بالمناسبات اليومية، نتيجة تأثّره بموسيقى المالوف الأندلسية في الشرق الجزائري. ومن أُولى الدراسات التي اهتمّت بهذا الفنّ تلك التي أنجزها المستشرق الفرنسي إميل درمنغهام والباحث في الموسيقى الشرقية لويس باربيس ونشراها في "المجلّة الأفريقية" عام 1951.