"السيدة كونغ".. مسرحية الهرب من عالم الواجبات

14 اغسطس 2023
من العرض
+ الخط -

في الأربعينيات من القرن الماضي، بينما كان العالم معلّقاً فوق هاوية الحرب العالمية الثانية، كانت فرانسيسكا، تلك الأرملة الشابّة، تخوض معاركها الخاصة. كانت في حالة ركض دائم داخل واقعها المرير، حيث تعيّن عليها تربية ثلاثة أطفال صغار، بين العديد من الأشياء الأُخرى: أعباء المطبخ، والخياطة، وتأمين لقمة العيش.

إلى جانب هذه الأعباء والأعمال والالتزامات المُرهِقة والتي لا تنتهي، والحرب التي تكاد أن تنشب، وتهدّد الجميع، ثمة حكاية أُخرى: إنها حكاية جارها مارتين الذي يحاول أن يتقرّب منها، لأنّه معجبٌ بها. 

هذه هي حبكة مسرحية "السيدة كونغ"، التي تُعرض على خشبة "المسرح الوطني للفنون" في العاصمة المكسيكية لغاية العشرين من الشهر الجاري، من تأليف وإخراج الكاتب والمسرحي المكسيكي إغناسيو إيسكرسيغا.

تهدف المسرحية إلى تصوير الأنشطة والأعباء المنزلية التي تقوم بها فرانسيسكا، في إشارة إلى دور النساء عموماً، وتُقديمها بطريقة ناقدة وساخرة إلى حدٍّ ما. مع ذلك تبدو بطلة العمل، وعلى الرغم من انشغالاتها، شغوفة بالسينما والموسيقى، وبالمال القليل الزائد الذي تجنيه تحاول اصطحاب أولادها لمشاهدة الأفلام، وفي الطريق إلى السينما، سوف تحكي لأطفالها قِصصاً لا تُصدّق، تُدخل فيها موادّ الخياطة التي تشتغل بها كأبطال رئيسية للقصص. 

عندما تشاهد فرانسيسكا فيلم "كينغ كونغ"، سوف تتذكّر تفاصيل حياتها، والمعاناة التي مرّت بها، وكلّ الصعوبات التي تمكّنت من تجاوزها حتى مضت قُدماً مع عائلتها. سيغدو فيلمها المفضّل، وستصبح "الغوريلا" شخصية رئيسة في العمل، حيث ستتحوّل إلى الحافز الذي يمنح بطلة العمل القوّة من أجل الاستمرار. 

تشكّل السينما، كما تُصوّر في المسرحية، أفقاً آخر تهرب إليه بطلة المسرحية كلّما شعرت بالاستياء، أو كلّما شعرت بالحاجة للهرب من واجباتها التي لا تنتهي. هكذا بين الاندفاع والتقلُّبات والمسؤوليات والمخاوف التي تمرّ بها، سيظهر مارتين، جارها النّجّار، صانع الخزائن، الذي لن يتوقّف عن محاولاته في التقرّب منها، مما سيزيد من تعقيدات حياة فرانسيسكا وعائلتها. 

على مدى 60 دقيقة، يعيدنا العمل إلى زمن كان يسير بوتيرةٍ مختلفة، تظهر فيه النساء بشكل مختلف عمّا هي عليه اليوم، خصوصاً بعد أن حصدن بسبب نضالهنّ الكثير من الحقوق الضرورية لتقدّم المجتمع.

المساهمون