الرصيد التونسي للفنّ التشكيلي: انتقالٌ بين المخازن

13 يونيو 2023
من الأعمال الفنّية المخزَّنة في "القصر السعيد"
+ الخط -

يُعدّ "قصر السعيد"، الذي يقع غير بعيدٍ عن "متحف باردو" في تونس العاصمة، أحدَ أبرز معالم فترة حُكم البايات الحسينيّين (1705 - 1957) في تونس. وهذه الأهمّية التاريخية للمبنى دفعت السلطات التونسية للتفكير في جعله متحفاً لتاريخ تونس الحديث والمُعاصر عام 1981، لكنّ هذه الفكرة ستتأخّر كثيراً، وستخرج إلى النور بشكل مختلف.

جرى ترميم المبنى المُصمَّم وفق النمط المعماري الإيطالي خلال القرن التاسع عشر، وأُعيد افتتاحه بالتزامن مع إقامة تظاهرة "تونس عاصمة للثقافة الإسلامية" عام 2019، باسم جديد هو "قصر الآداب والفنون"، ضمن مُحاوَلة للإفادة منه ثقافياً، عبْر رفده ببرنامج ثقافي وفنّي يُضيء على المَعْلم التاريخي والمجموعات المتحفية التي يضمُّها. وكانت باكورة أنشطته الثقافية تلك معرضٌ بعنوان "تونس نافذة المتوسّط"، أضاء على علاقات تونس الدبلوماسية خلال الفترة الحديثة.

إلى جانب مختبرات تابعة لـ"المعهد الوطني للتراث"، يحتوي المبنى على مخازن تضمّ رصيداً كبيراً من الأعمال الفنّية والتاريخية، والتي يُقدَّر عددُها بأكثر من ثمانية آلاف قطعةٍ تتوزّع بين لوحات ومنحوتات ومجسّمات وقطع خزفية تُقدّم صورةً عن مراحل الفنّ التشكيلي المختلفة في تونس، إضافةً إلى ملابس وميداليات ومسدَّسات وأدوات وقطع أثاث تعود للأسرة الحسينية.

ثمانية آلاف عمل فنّي بين لوحات ومنحوتات ومجسّمات وقطع خزفية

قبل بضع سنوات من إعادة افتتاحه، وتحديداً في آذار/ مارس 2016، أعلَنت وزيرةُ الثقافة التونسية حينها سنية مبارك، بعد زيارة وُصفت بالمفاجئة إلى "القصر السعيد"، عن جملة من الإجراءات المتعلّقة برصيده من الأعمال الفنّية؛ من بينها الإسراعُ في القيام بعملية جَرْد دقيق وكامل للمخزون الفنّي الموجود في المتحف، وتفعيلُ منظومة تأمين مخازن الأعمال الفنّية وحمايتها وصيانتها من التلف والاندثار.

لكنّ اللافتَ أنّه، وبعد مرور سبع سنوات كاملة، ظلّ وضع مخازن الأعمال الفنّية على حالها، رغم ما شهده المبنى من ترميم؛ بدليل أنّ وزيرةَ الثقافة الحالية حياة قطاط القرمازي أصدرت في كانون الثاني/ يناير الماضي تعليمات بنقل ذلك المخزون إلى مكانٍ آخر، بعد زيارة "اكتشفت" خلالها ما وُصف بالوضع المتردّي لمخازن المتحف.

بناءً على ذلك، شرعت وزارة الثقافة، في نهاية أيار/ مايو الماضي، في إخلاء المحتويات وتحويلها إلى مخازن جديدة في "دار الكتب الوطنية"؛ وهي العملية التي قالت الوزارة إنّها ستجري على مراحل، بتنسيق مع مصالح وزارتَي الداخلية وأملاك الدولة والشؤون العقارية، ضمن "استراتيجية للمحافظة على الذاكرة الوطنية من كلّ أشكال الإتلاف، ولتثمين المخزون التشكيلي التونسي باعتباره ثروة وطنية توثّق لمختلف مراحل تاريخ الفنّ التشكيلي التونسي ومدارسه وتيّاراته".

لا شكّ في أنّ من شأن خطوة وزارة الثقافة حمايةُ هذا الرصيد الفنّي الذي لا يُقدَّر بثمن. لكنّ الأفضلَ منها هو إتاحةُ تلك الأعمال للجمهور عبر وضعها في قاعات تتوفّر على معايير حديثة للعرض، بدل نقلها من مخزن إلى آخر والإغلاق عليها في سراديب رطبة ومغلقة.

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون