"وُلدت فكرة مشروع 'الدخيلات' في كانون الأول/ ديسمبر 2016. في ذلك الوقت، كنت أستقلّ خط المترو الباريسي رقم 2 بشكل يومي، وكنتُ ألاحظ أن الحضور الذكوري هو الذي يُهيمن تماماً على بعض الأماكن. من تجمّعات هؤلاء الأفراد جاءتني فكرة أن أقوم بقلب الحضور الجندري" في الأماكن العامّة.
بهذه الكلمات، تُعلّق المصوّرة الفوتوغرافية المغربية ــ الفرنسية رندة معروفي على مشروعها الذي يحمل عنوان "دخيلات"، والمعروض منذ الثاني والعشرين من نيسان/ إبريل وحتى مساء غد السبت في "معهد ثقافات الإسلام" بباريس.
و"الدخيلات" عبارةٌ عن سلسلة من الصور التي تُعيد من خلالها معروفي هيكلة الحضور الجندري في الفضاء العام بالعاصمة الفرنسية، حيث تستبدل تجمّعات الشباب في بعض المناطق الشعبية المزدحمة، مثل حيّ بارباس شمالي باريس، بتجمّعات نسائية، وهو ما لا يمرّ من دون مفاجأة أو صدمة مَن يشاهد هذا التغيُّر في أماكن مرتبطة إلى حدّ بعيد بالذكورية ضمن المخيال الجمعي الباريسي.
وتطلب الفنانة، ضمن سردياتها المتخيّلة التي تقدّمها في المعرض، من النساء القيام بالسلوكيات والوضعيات نفسها التي يتملّكُ من خلالها الرجالُ الفضاءَ العام؛ ففي صورتين أمامَ محلّي سندويش "برانسيير" و"محاجبي" بالحيّ الباريسي الشعبي، نرى بعضهنّ جالسات يأكلن أو ينتظرن دورهنّ، في حين تقف نساء أُخريات مستندات إلى الجدران أو جالسات على الرصيف، يراقبن الرائح والراجع، يدخّنّ السجائر، أو يتحدّثن إلى بعضهنّ بصوتٍ عالٍ (كما نتخيّل من المسافة بين المتحدّثات في الصور)، أو ينظرن إلى هواتفهنّ.
وفي صورة أُخرى من الحيّ نفسه، نراهنّ يستحوذن على الطاولات الموجودة في حديقة ساحة ليون بحيّ باربس، يلعبن عليها لعبة تشبه الشطرنج (لكن بالحجارة)، ويدخّنّ، في مفارقة تامّة مع حقيقة هذا المكان الذي يشغله، صباحَ مساء، رجالٌ يلعبون الورق أو يدخنون أو يشربون الكحول والمشروبات الغازية، في حين يقضي هذا التوزيع الجندري، عادةً، بإقصاء النساء إلى منطقة ألعاب الأطفال الموجودة داخل الحديقة.
"أستلهم مقاربتي من الوضع الذي نعيشه اجتماعياً وسياسياً. أمّا ما أقترحه فنّياً، فغرضه تفحُّص الفضاء المكاني ومُساءلة حدوده والطرق التي يتملّكُه من خلالها الناسُ"، تقول الفنانة في البيان الصحافي الخاصّ بمعرضها.