استمع إلى الملخص
لبنى أبو خير، كاتبة وفنانة مسرحية سورية مقيمة في زيورخ، تقدم أعمالها باللغتين الألمانية والعربية. مسرحيتها "الخامسة فجراً" تتناول التمييز العنصري وتجارب المهاجرين.
- **أعمالها المسرحية والسينمائية**
كتبت وقدمت ثلاث مسرحيات بالألمانية وشاركت في أفلام قصيرة. تتناول أعمالها موضوعات الهجرة واللجوء وتعكس تجاربها الشخصية، مستخدمة اللغتين العربية والألمانية.
- **التحديات والصعوبات**
تواجه تحديات إنتاجية وفكرية، وتؤكد على أهمية تقديم العروض في مختلف البلدان لتعريف الجمهور بثقافتها وهويتها.
بين الألمانية والعربية تتحرّك الكاتبة والفنّانةُ المسرحية السورية المقيمة في مدينة زيورخ بسويسرا، لبنى أبو خير (1992)، ولجمهورَين مُختلفين تكتب وتُقدّم اشتغالاتها على الخشبة، وتلعب أدواراً تمثيلية في الأفلام القصيرة. وضمن هذا الإطار، قدّمت خرّيجة "المعهد العالي للفنون المسرحية" في دمشق عملها الأخير "الخامسة فجراً" (2024) في "مسرح سوغار" بزيورخ، خلال عدّة مواعيد منذ مطلع أيلول/ سبتمبر الجاري، وتستمرّ العروض في أُمسيات الأربعاء والخميس والأحد المُقبلة.
تتحدّث أبو خير إلى "العربي الجديد" عن عملها الذي ألّفته وشاركتها بتقديمه الموسيقية الأوكرانية يوليانا خومينكو، في حين وقّعته المُخرجة السويسرية أورسينا غرويل: "التمييز العنصري هو الموضوع الأساسي الذي انطلقتُ منه، بالإضافة إلى مفهوم الصدمة وتكرارها، ففي مقهىً سويسري تلتقي شابّتان لاجئتان، سورية وأوكرانية، كلُّ واحدة منهما قادمة من بلد يخوض طبعتَه الخاصّة من الحرب واللجوء، لكنّ نظام اللجوء السويسري يتعامل بازدواجية معهما. وفي ذلك المقهى تكون المواجَهة لتحمل في لحظاتها خليطاً من المشاعر: الفضول، والكُره، ومحاولات التعارُف، والغناء، حتّى تتّحد اللُّغتان مع بعضهما وتُشكّلان صوتاً جديداً. وقد استمدّ العملُ اسمَه من خواطر أصدقاء مهاجرين يعانون من اضطرابات في النوم، حيث اتّفق الجميع، ومن غير قصد، أنّهم لا يستطيعون النوم حتى الخامسة فجراً".
كتبت أبو خير وقدّمت ثلاث مسرحيّات أُخرى باللغة الألمانية: "مقهى دمشقي" (2018)، و"الضوء المكسور" (2019)، و"حرب الجبن" (2022). ومن الأفلام القصيرة التي شاركت فيها: "رائحة البرتقال" (2022) الذي حصلت عنه على جائزة أفضل ممثّلة في "مهرجان أماركورت السينمائي" بإيطاليا، و"قمر أزرق" (2024).
يحيل عنوان العرض إلى اضطرابات النوم لدى المهاجرين
تُسقِط المسرحية السورية بعضاً من سيرتها على عرضها الجديد، لكنّها تربطه أوّلاً بخلفيّتها الأكاديمية. تُتابع حديثها إلى "العربي الجديد": "هذا هو عملي المسرحي الرابع، بالإضافة إلى فيلمَين قصيرَين، مع عدّة مشاركات مسرحيّة أُخرى في ألمانيا وسويسرا. أنا خرّيجة قسم الدراسات المسرحية في 'المعهد العالي للفنون المسرحيّة' في دمشق، وهذا العمل هو استمراريّة لما كرّستُ وقتي له في السنوات السابقة، وهو الكتابة والأداء المسرحي. أعمل بشكل أساسي على استخدام اللُّغتين العربية والألمانية في عملي، دون استخدام شاشة الترجمة على الخشبة كي يفهم الجمهور القصّة باللُّغتين، وحتّى يتعرّف أيضاً على اللغة العربية بطريقة مختلفة، فطيلة السنوات السابقة أُجرّب طُرُقاً أنقلُ فيها شعرية العربية إلى الألمانية والعكس. وفي هذا العرض، أعتبر أنّني بلورت وجودي ممثّلة وكاتبة في الألمانية والعربية، وهذا ما لمسته من تلقّي الجمهور وتأثُّره بالعرض".
الهجرة واللجوء والاغتراب وكيفية تعامُل المجتمع الغربي معها ثيماتٌ حاضرة في أغلب أعمال الفنّانين الذي هاجروا إلى أوروبا خلال العقد الأخير، بفعل الظروف السياسية، ما حتّم على الكثيرين منهم إعادة تقديم سِيرهم الذاتية في أعمالهم الفنّية. عن هذا تقول أبو خير: "أُقيم في سويسرا منذ عام 2016، وطيلة هذه السنوات الثمانية ظللتُ أُعرِّف فيها عن نفسي، وفي كلّ لحظة كنتُ أجدُني أمام أسئلة كُبرى مثل أن أُسأل عن هويّتي، العرقية والدينية، فأضطرّ أن أشرح ثقافة منطقة بأكملها. سؤال الهوية يُطرَح في كلّ دقيقة، حتى عندما أكون وحدي أدرس الألمانية أو الفرنسية، يُطرح أيضاً عندما أساعد أحدهم في تعلّم العربية، وكما ذكرتُ سيرتي الذاتية هي لُغتي، إن جاز القول، وبالتالي لا بُدّ أن تكون حاضرة في العمل الفنّي، فهي المدخل الأوّل لأيّ فنّان ليُقدّم نفسه أكثر من أن يكتفي بلغة البلد المضيف. طبعاً إتقان لغة بلد المهجر أمر رائع، ولكن يجب ألا ترافقه قطيعة مع لغة الفنّان الأصلية".
في أحد الحوارات الإذاعية، تصفُ لبنى أبو خير عرضها "الضوء المكسور" (إخراج: إيفنا غيتس) بأنّه الأقرب إليها والذي يُمثّل هويّتها، وهو يدور حول الثيمة الأساسية في أعمالها: استخدام المُهاجر للّغة الجديدة في بلد اللجوء. أمّا في الفيلم القصير "رائحة البرتقال" (إخراج الأخوين ملص، 19 دقيقة) المأخوذ عن مسرحية "الموت والعذراء" للتشيلي آرييل دورفمان، فنجد الثلاثي السوري يستعيدون أُمنيات الخلاص من الديكتاتورية في عرض لا يُمكن أن يقدّموه في بلدهم بطبيعة الحال. وعن هذا التفصيل تقول: "من جهة أُولى الهويّة لا تتغيّر ولا تتبدّل، الهويّة يُضاف إليها دائماً؛ ومن جهة أُخرى علينا ألّا نعتبر أنّ تقديم العروض في بلدنا الأُمّ هو الأهمّ على الإطلاق، أليس الجمهور هُنا مهتمّاً بالاستماع إلينا ويستحقّ التقدير؟ ومن الأمثلة على ذلك مُشاركتي مؤخّراً مع فرقة 'غصن زيتون' للفنون الشعبية الفلسطينية في جولة أوروبية، وقد تلقّاها الجمهور بترحاب وتأثُّر كبير، خاصّةً أنّها جاءت في سياق احتجاج تشهده مُدن العالم ضدّ الإبادة الصهيونية في غزّة. وعليه، لماذا نعتبر أنّ التقدير من الوطن الأُمّ هو الأهمّ والباقي هو مجرّد تفصيل ثانوي؟ بالنسبة إليّ لو أن هُناك فرصة لتقديم عروض في سورية فسأكون مسرورة بنفس الدرجة كما لو دعاني أيّ بلد آخر".
وتختم الفنّانة حديثها إلى "العربي الجديد": "أبرز الصعوبات الإنتاجية التي تستوقفني اليوم في عملي المسرحي هي إيجاد الفريق الذي أُريد أن أُكمل معه، أنا دائمة التعرُّف إلى فنّانين جُدد، وأشعر أنّني كلّ مرّة أبدأ من الصفر مع فريق عمل جديد. الصعوبات الإنتاجية دائماً موجودة، ولا سيما في ظلّ الأزمات الكبيرة التي نعيشها. وأنا كحال أيّ فنّان تأقلمتُ معها. أمّا الصعوبات الفكرية فتتجلّى في سؤال: ما هو التالي؟ سوى ذلك لا أشعر بتحدٍّ مختلف عمّا يشعر به أيّ فنّان بشكل عام".