أقام "مركز خليل السكاكيني" في رام الله أول أمس، محاضرة استضاف فيها النقابي الفلسطيني محمود زيادة، تناول فيها مفهوم الحماية الاجتماعية في القطاع الثقافي، وهي قضية تبدو اليوم ملحة أكثر من أي وقت مضى، بعد أن أوقف انتشار كوفيد-19 عجلة العمل في القطاع الثقافي والفني، ووجد الفاعلون فيه أنفسهم بلا دخل، حيث أن معظم المشتغلين في هذا القطاع يعملون بالمياومة أو ضمن مشاريع وإقامات فنية وهذه توقفت كلها.
وجد الفنانون أنفسهم في حالة من العراء بلا أي تأمينيات تكفل لهم دخلاً يضمن توفير احتياجاتهم اليومية مثلهم مثل المتضررين في القطاعات الأخرى، وأصبح من الأولوية وجود منظومة حماية اجتماعية شمولية تستند على النهج القائم على حقوق الإنسان ضمن معايير تعبر عن قيم ومبادئ وثقافة المجتمع ومستوى تماسكه الداخلي لتحقيق التضامن الدائم والمستمر في تقاسم الموارد والأعباء، وإعادة توزيعها بين كل فئات المجتمع.
وذكر زيادة أن "الحماية الاجتماعية هي واحدة من أدوات تحقيق العدالة الاجتماعية التي كانت وما زالت دائماً موضع صراع دائم، والأنظمة القائمة في ما يتعلق بالحماية الاجتماعية وكل أدوات وروافع العدالة الاجتماعية هي نتاج لعلاقات القوة السائدة في المجتمع، ما بين شرائح وفئات ومصالح رأس المال"، وتناول نظام التقاعد التكميلي في فلسطين الذي ظهر في 2014.
في نظر المحاضر يُعتبر هذا النظام مجرد شركة ربحية، ثم "سقط هذا النظام بفعل حراك عام 2016، لكن الفكرة لم تسقط عند القطاع الخاص، فلا خيار ولا حماية اجتماعية بدون قيادة القطاع الخاص، بمعنى خصخصة الضمان الاجتماعي والحماية الاجتماعية، وهذا التيار له أنصار كثر في النظام السياسي".
يدعو مركز "السكاكيني" الفاعلين الثقافيين إلى تقديم مقترحات أوراق حول الحماية الاجتماعية
تأتي محاضرة زيادة التي ذكر فيها ضرورة وجود خارطة تغطي احتياجات الرعاية الصحية والاجتماعية، ضمن سلسلة حوارات أقامها المركز خلال الأعوام السابقة، مع العاملين في القطاع الثقافي ضمن المؤسسة وخارجها، تناولت بالعموم غياب الآليات والقوانين التي تحمي العمل والعامل الثقافي، وحول غياب منظومة حماية اجتماعية.
نتج عن هذه الحوارات مجموعة من الأفكار والتساؤلات؛ ومن خلالها استطاع المركز توفير تأمين صحي للممارسين الثقافيين والفنانين الذين يعملون خارج إطار المؤسسة، كما أقام ورشات عمل حول الحقوق القانونية للفنانين والعاملين الثقافيين.
وكان "السكاكيني" قد أعلن عن دعوة مفتوحة إلى تقديم مقترحات أوراق حول "الحماية الاجتماعية في القطاع الثقافي" تساهم في البحث عن أشكال متعددة وتسائل السياسات الحالية لضمان أنظمة حماية اجتماعية في هذا القطاع.
ويذكر المركز في دعوته للباحثين والعاملين في القطاع أن "السؤال أصبح أكثر ضرورة اليوم في ظل كل الأزمات التي يعيشها العالم بشكل عام والقطاع الثقافي بشكل خاص وعدم وضوح مستقبل هذا القطاع ومستقبل العاملين فيه ومعه، والى أي درجة يستطيع هذا القطاع بناء نظام حماية اجتماعية؟ وما هو شكل أو أشكال هذه البنى؟ وما هي إمكانيات هذا القطاع في سياق الحماية الإجتماعية؟".