"الثقافة الجديدة": عددٌ ثانٍ لفلسطين

01 ديسمبر 2023
من داخل "قلعة برقوق" في خانيونس جنوبي غزة، بُنيت عام 1387م (تصوير: أحمد الآغا)
+ الخط -

في عددها الجديد (كانون الأوّل/ ديسمبر)، تُواصل مجلّة "الثقافة الجديدة"، التي تصدر عن "الهيئة العامّة لقصور الثقافة" في القاهرة، للشهر الثاني على التوالي، تخصيص ملفّ للثقافة الفلسطينية على ضوء العدوان الصهيوني على غزّة. كما تضمّن العدد ملفّاً عن الروائي والقاص المصري عبده جبير (1948 - 2023).

يستهلّ الكاتب طارق الطاهر، رئيس تحرير المجلّة، العدد 399 بافتتاحية يكتب فيها: "معركة العدوّ الإسرائيلي الكبرى الآن، ليست تصفية رجال المقاومة أو حماس، بل تصفية فلسطين ذاتها 'حجراً وبشراً'، وأن تتحوّل قرى ومدن غزّة - في هذه المرحلة - إلى صور قديمة، لكى نروي 'هنا كان المسجد' و'هنا كانت الكنيسة' و'هنا كانت المدرسة'...".

ويضيف: "كلّما زاد 'كان.. هنا'، زاد الزهو الإسرائيلي بنفسه، وتراجعت في نفس الوقت ثقتنا بأنفسنا؛ هذه الثقة التي نفقدها مع فقدان كلّ إنسان أو كلّ مكان. هذا الفقد الذى يجب أن ننتبه 'نحن العرب' على وجه الخصوص إلى دلالته بقوّة، فما نفقده الآن في فلسطين ليس فقط 'البشر'، بل 'الهوية' التي تسعى قوّات الاحتلال إلى انتزاعها بلا رحمة أو هوادة. تسعى لكي تتحوّل فلسطين أو أيّة بقعة غالية منها إلى مجرّد 'صور قديمة'".

يضيء العددان على الخطر الذي يتهدّد مواقع أثرية في مدن غزّة

في حديثه إلى "العربي الجديد"، يقول الطاهر: "القضية الفلسطينية واحدة من المحاور الأساسية في حياة الثقافة المصرية والعربية، فهي القضية الأُمّ التي تَستحوذ على اهتمام المثقَّفين. ويأخذ هذا الاهتمام أشكالاً مختلفة، سواء في الكتابة المباشرة عبر المقالات، أو في الأعمال الروائية والقصصية، وكذلك في الدراما. ومن هذه الكتابات يتشكّل الضمير الإنساني، ضدّ بطش المحتلّ الإسرائيلي، بكلّ وقاحته وحبّه لسفك الدماء".

ويلفت إلى أنّ "إسرائيل وصورتها قبل السابع من تشرين الأوّل/ أكتوبر غير إسرائيل وصورتها الآن، ليس فقط في العالَم، بل لدى الإسرائيليّين أنفسهم؛ فالغطرسة الغاشمة أوحت لهم أنّ بإمكانهم إبادة غزّة بشعبها، لكنّ ما فعلوه هو إبادةٌ الضمير الجمعي الذي لم يوقفهم عند حدّهم، أو بمعنى أصح إبادةٌ للقادة الذين يدعمونهم. وفي المقابل، بدأت صحوة إنسانية لدى العديد من الشعوب عكستها المظاهرات المندّدة بالعدوان على الفلسطينيّين واستهداف المستشفيات ودُور العبادة. من هنا أرى أنّ إسرائيل لن تستطع تحويل الفلسطينيّين إلى صور قديمة، بل هُم الذين تحوّلوا إلى صور قديمة بعد السابع من تشرين الأوّل".

الصورة
غلاف الكتاب

من بين مواد العدد المخصّصة لفلسطين مقالٌ لإيهاب الحضري بعنوان "مجازر الحضارة.. التطهير العرقي لآثار فلسطين يتخفّى وراء شلالات الدم"، توقّف فيه عند الخطر الذي يتهدّد مواقع أثرية في مدن غزّة، ومنها "مقام الخضر" في دير البلح، والذي يقع أسفله دير القدّيس هيلاريون الذي يعود إلى القرن الرابع الميلادي، وقلعةٌ تحمل اسم المدينة أنشأها الصليبيون في القرن الثاني عشر للميلاد، ومقبرةٌ أثرية في جباليا يعود تاريخها إلى العصر البرونزي المتأخّر لم تسلم من القصف الإسرائيلي، بينما تضمّ بيت حانون بقايا "مسجد النصر" الذي شُيّد في العصر الأيوبي، و"قلعة برقوق" في خانيونس، والتي تحمل اسم مؤسّسها السلطان المملوكي، وتعود إلى القرن الرابع عشر.

أمّا الباحثة انتصار محمد، فكتبت مقالاً بعنوان "'موسوعة مصر والقضية الفلسطينية'.. قوّة مصر الناعمة في مساندة الأشقّاء"، تناولت فيه الموسوعة التي استغرق تأليفُها حوالي عشرين عاماً ضمن رؤية لمختلف أوجه الصراع العربي الإسرائيلي؛ حيث تؤرّخ للأحداث بدءاً من وعد بلفور سنة 1917 وصولاً إلى حرب أكتوبر عام 1973. وقد صدر المجلّد الأوّل منها عام 2012 عن "المجلس الأعلى للثقافة" لتُختتم خلال العام الجاري بمجلّد سادس.

الصورة
غلاف الكتاب

وتحت عنوان "الحكايات الشعبية الفلسطينية.. ذاكرة الماضي وأصل الحاضر"، كتب الباحث أشرف سعد عن أنماط الحكاية في التراث الفلسطيني، تبعاً لاختلاف مضمون الحكاية والوظائف التي تؤديّها، وهي: حكاية الواقع الاجتماعي، وحكاية الحيوان، والخرافة، والحكاية المسلّية (الحدّوتة).

وكان عدد 398 (تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي) قد تضمّن ملفّاً بعنوان "قرابين الحرية.. فلسطين في الشعر العالمي"، وضمّ قصائد مختارة، بترجمة وتقديم الحسين خضيري، للشاعرين البريطانيّين ويليام بتلر ييتس ومالكوم غايت من بريطانيا، والأميركيَّين مايكل بيرتش وماريا غريس دي لالو، والأيرلندي ديفيد كارول، والنرويجي جان هانسن، والأسترالية البريطانية أليس غيرين كريست، والهندي ماناش بهاتاشارجي، والأميركية الفلسطينية نعومي شهاب ناي، إلى جانب مقال بعنوان "الكتابة والكارثة" للشاعر والروائي علاء خالد، و"السابع من أكتوبر 2023" للشاعرة والأكاديمية فاطمة قنديل.

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون