"التقاط اللحظة": حوار مفتوح بين اللوحة والصورة الفوتوغرافية

19 يونيو 2023
"عاصفة رياح مفاجئة (بعد هوكوساي)" لـ جيف وول، 1993 (من المعرض)
+ الخط -

وسط الدمار الذي خلّفته الحرب العالمية الثانية، والتناقض الذي عاشته أوروبا، نتيجة الصراع الدائر بين الشيوعية والرأسمالية، وظّف العديد من الفنانين جوانب من الثقافة الجماهيرية في أعمالهم، كما تأثّر بعضهم خلال تلك المرحلة بالواقعية التي روّج لها الاتحاد السوفييتي.

تعبيرات الفنانين الأوروبيين هيمنت عليها صدمة الحرب وتصوير واقع يسوده الألم والسوداوية، مع السعي لاستخدام الفن وسيلة للنقد الاجتماعي والسياسي، ضمن مشهد يضيء جانباً منه معرض "التقاط اللحظة" الذي افتُتح يوم الثلاثاء الماضي في متحف "تيت مودرن" بلندن، ويتواصل حتى الثامن والعشرين من يناير/ كانون الثاني 2024.

يركّز المعرض على العلاقة الديناميكية بين الرسم المعاصر والتصوير الفوتوغرافي، من خلال مجموعة أعمال تبدو كحوار مفتوح بين عدد من أبرز الرسّامين والمصورين منذ منتصف القرن العشرين، في بحثٍ عن كيفية استخدام الفرشاة والعدسة لالتقاط اللحظات في الوقت المناسب، وكيف أثّرت هاتان الوسيلتان في بعضهما البعض.

تأثيرات متبادلة بين الرسم والتصوير لم تنقطع يوماً

تبدأ جولة الزائر بمشاهدة أعمال رسّامين تعبيريين في فترة ما بعد الحرب، وهي تُظهر تطوّر الواقعية -بتياراتها الجديدة- في تجارب فنانين، مثل لوسيان فرويد وأليس نيل، جنباً إلى جنب مع ظهور التصوير الوثائقي على يد فوتوغرافيين مثل دوروثيا لانغ وباول ستراند. 

وتُعرض لوحة للفنان الإنكليزي فرانسيس بيكون تعود إلى عام 1953، أعاد فيها تدوير لوحة "بورتريه البابا إينوسنت العاشر" التي رسمها الفنان الإسباني دييغو فيلاسكيز عام 1644، مع فارق واضح بين الأسلوب الواقعي لكليهما، إذ إن اللوحة القديمة فيها احتفاء بالبابا الذي عُرف عنه التسامح والابتعاد عن التعصّب، بينما أتت لوحة بيكون بعد الحرب العالمية الثانية وفظائعها، وظهر فيها البابا وهو يصرخ كما لو كان في حضرة مشهد مرعِب.

نقطة أساسية يُبرزها المنظّمون تتعلّق بالتأثر الواضح لبيكون بالتصوير الفوتوغرافي في لوحته، وكيف تَوَاصَل هذا التأثير بعد ذلك ضمن نماذج أحدث تقدّمها الفنانة البريطانية سييلي براون التي تُعرض لوحتها "البلاء في الجنة" (1999)، أو الفنان البريطاني جورج كوندو الذي تعرض لوحته "حالات عقلية" (2000).

مقابل ذلك، يتناول المعرض كيف يمضي التأثير في الاتجاه المعاكس، عبر عرض سلسلة صور حظيت بانتشار واسع، مثل "عاصفة رياح مفاجئة (بعد هوكوساي)" (1993) للفوتوغرافي الكندي جيف وول، و"عيد العمّال الرابع" (2000) للفوتوغرافي الألماني أندرياس غورسكي، إلى جانب صور الفوتوغرافي الياباني هيروشي سوغيموتو التجريدية للمناظر البحرية.

وفي قسم آخر، تُعرض الصور التي التقطها الألماني توماس ستروث والأميركية لويز لولر لعدد من اللوحات الشهيرة في محاولة للوقوف على بُعد آخر يتعلّق بكيفية عرض أو تقديم اللوحة فوتوغرافياً.

من بين الفنانين الذين تُعرض أعمالهم، مروان قصّاب باشي من سورية، وسلمان تور من باكستان، وبوشبامالا من الهند، ونجيديكا أكونيلي كروسبي من نيجيريا، وبولينا أولوسكا من بولندا، ولوك تويمانز من بلجيكا، وباولا ريغو من البرتغال، وديفيد هوكني من بريطانيا، وميريام كان من سويسرا، وليزا برايس من جنوب أفريقيا، وغيرهم.

المساهمون