الأشهب والعزماني: ما تبقّى من فضاء هابرماس العمومي

12 ديسمبر 2023
فسيفساء العلَم الفلسطيني في غيرنيكا الإسبانية، 8 كانوّن الأول/ ديسمبر 2023 (Getty)
+ الخط -

في إطار متابعته العُدوان الصهيوني على غزة، ونقد الخطابات الفكرية والفلسفية الغربية المُساندة للإجرام الإسرائيلي، نظّم "مركز أفكار للدراسات والأبحاث" في مدينة أغادير المغربية ندوة فكرية، مساء السبت الماضي، بعنوان "العُدوان على غزة: منظورات فكرية مُسانِدة ومُضادّة للعدوان"، شارك فيها الباحثان المغربيّان: محمد الأشهب وعز الدين العزماني (بُثّت عبر "زووم")، وأدارها عبد الله هدّاري.

"هل يُمكن للفلسطيني أن يتكلّم: في العلاقة بين الاستعمار الإحلالي وتجريم السردية المُضادّة"، عنوان مُداخلة عزّ الدين العزماني، إذ يُحيل، منذ العنوان، إلى الدرس النظري الذي اشتغلت عليه المُنظّرة الهندية غاياتري سبيفاك، في سياق تفكيكها العلاقة الاستعمارية بين بلدها الهند والمستعمِر البريطاني. 

وفي سياق الحديث عن غزّة، فإن حاضر المقاومة فيها يُحتّم، وفقاً للباحث، الاستعانة بأدوات مختلفة لتفكيك الخطاب والمُمارسة الاستعماريَّين، وما تمارسه أنظمة الهيمنة على السكّان الأصليّين. وأمام حالة العنف الرمزي والجسدي والنفسي، الجاري حالياً، يظهر أنّنا أمام عالم بلا قيم، وأوضح مثال على هذا "الفيتو" الأميركي الأخير على وقف إطلاق النار، كما يقول الباحث.

تفتقر ألمانيا إلى ما يشهده الوسط الأكاديمي الأميركي من سجال

يرى العزماني أنّ حركات التضامن مع فلسطين حول العالَم تنطلق من توجُّه رفض العنف والهيمنة، وعلى سبيل المثال، بيان "فلسفة من أجل فلسطين"، الذي وقعه أكثر من 400 مُشتغِل بالفلسفة حول العالم، في مقدّمتهم الأميركيّتان جوديث باتلر ونانسي فرايزر، ولا نرى فيه انشغالاً بـ"إدانة حركة حماس" (المطلب الغربي).

في المقابل، أشار الباحث إلى الأسانيد الفلسفية التي اتّكأ إليها فيلسوفٌ مثل يورغن هابرماس، في بيانه الأخير، مع أكاديميِّين آخرين، والذي ناصَر فيه "إسرائيل"، واصفاً إياه بـ"العنف الإبستمولوجي"، ومثله موقف شيلا بن حبيب في ردّها على بيان "فلسفة من أجل فلسطين" الذي كانت باتلر من بين الموقّعين عليه.

بدوره، لفت أستاذ الفلسفة المعاصرة في "جامعة ابن زهر" محمد الأشهب، في مُداخلته "تلقّي موقف هابرماس المُتحيِّز لإسرائيل في الإعلام الألماني والعربي"، إلى أنّ الفيلسوف الألماني (1929) اختار نشر بيانه على موقع أكاديمي وليس في صحيفة عمومية، ولهذا دلالاتُه على مستوى الخطاب المعرفي أمام الجمهور. ورغم أنّ فلسفته تقوم على مبدأ "أن نقول لا"، فإنّنا لم نرَ هذا ينطبق على "إسرائيل"، بل إنّ الضفّة الألمانية بأَسْرها تفتقر إلى ما نشهده في الوسط الأكاديمي الأميركي من أخذٍ وردّ، ففي ألمانيا، يُطبَّق قانون "مُعاداة السامية" على كلّ هذه النقاشات، وفقاً للأشهب. وهذا يتناقض مع خصائص الفضاء العمومي (المفتوح) عند هابرماس نفسه، الذي لم يرُدَّ عليه أحدٌ، البتّة، من داخل ألمانيا.

وأشار الباحث المغربي، أيضاً، إلى أنّ الديمقراطية الألمانية تتكسّر عند صخرة انتقاد "إسرائيل"، وبالتالي نحن مدعوّون إلى البحث في كلّ المواقف الضمنيّة السابقة لهذه النُّخبة الأكاديمية، التي أفصحت عنها اليوم بشكل مُخزٍ وعلني. وتابعَ: عبارة "نحن نقف بجانب إسرائيل" تردَّدت منذ اليوم الأوّل على ألسنة كبار المسؤولين. وعند هذا الحدّ، أصبح ارتداء الكوفية وحمل العلم الفلسطيني جزءاً من "مُعاداة الساميّة" في الإعلام والفضاء العمومي برمّته. أمّا عربياً، فلم يقتصر الردّ على البيان من قبل الصحافة، بل تولّى ذلك أيضاً، كما ختم الأشهب، منظّرون ومفكّرون مثل عزمي بشارة وعبد السلام بنعبد العالي وموليم العروسي وغيرهم ممّن أعادوا النظر في زوايا البيان وتفكيكه.

المساهمون