تزايد الاهتمام بتوثيق الحياة السياسية والاجتماعية في الأردن خلال السنوات الماضية، مع ظهور العديد من المذكرات التي ألّفها مسؤولون حكوميّون وشخصيّات لعبت دوراً في الشأن العام، إلى جانب الاهتمام بالأرشيف الذي يحتفظ به عددٌ من المؤسّسات مثل المكتبة الوطنية ومركز الوثائق والمخطوطات في الجامعة الأردنية والديوان الملكي والإذاعة والتلفزيون ودائرة الآثار.
بفعل توزّع الوثائق على عدّة جهات، يرى كثيرون عدم إمكانية جمعها في مؤسّسة واحدة، مقترحين العمل على تطوير عمل كلّ واحدة منها، سواءً في الفهرسة أو الحفظ أو الترميم أو الرقمنة، وكذلك التنسيق بين هذه المؤسسات بدلاً من بقاء أنشطتها منفصلة عن بعضها مثلما هي الآن، عبر إنشاء قاعدة بيانات تجمع بين أراشيفها.
في سياق الاحتفال بمئوية الدولة الأردنية، أعلن وزير الثقافة، علي العايد، منذ أيّام، عن خطة للأرشيف الوطني تهدف إلى جمع الوثائق وحفظ نسخ منها، بوصفها إحدى أكثر الوسائل حداثةً وفعاليّة، وفق تصريحاته التي أشار خلالها إلى سعي الوزارة إلى إعادة توثيق وترسيخ هذه الذاكرة لتكون محطّة مهمّة في إعادة كتابة التاريخ الأردني.
تستقبل منصّة "وثّق" التي أُطلقتها وزارة الثقافة الأسبوع الماضي الوثائق المنتشرة بين أيدي المواطنين
وسيتمّ جمع هذه الوثائق من خلال منصّة "وثّق" التي أُعلن عن إطلاقها لكي تُسهم في فتح المجال لجمع الوثائق المنتشرة بين أيدي المواطنين بكل أشكالها: الصور، الوثائق التاريخية، المواد الصوتية والمرئية، والتي تمثِّل، رغم طابع بعضها الشخصيّ، قيمةً تاريخية وجانباً مهمّاً من تاريخ البلد.
من المفترض أن يتزامن إطلاق المنصّة مع وجود كوادر مؤهّلة قادرة على التعامل مع ما يصلها من أوراق أو تسجيلات أو صور فوتوغرافية وغيرها من الوثائق من أجل صونها وفق المعايير والأسس المتّبعة، التي لا تتوافر عليها الوزارة حاليّاً.
بالنظر إلى واقع العمل في مؤسسات أردنية عديدة في هذا المجال، فإنّ معظمها تفتقد إلى وجود مختبرٍ للتقنيات من أجل حماية المحفوظات الموجودة لديها بشكل أفضل، وكذلك إلى خزائن معدنية مجلفنة، وكذلك برامج تكنولوجية حديثة لتحويل العديد من المواد المصوّرة والفيلمية إلى نسخ رقمية.
وستنفّذ الوزارة خطّتها من خلال مشروع جمع التراث والتاريخ الشفوي الأردني الذي يغطّي ما لم تغطّه الوثائق الرسمية والمدّونات والمخطوطات، حيث تمّ تكليف المكتبة الوطنية ــ بوصفها الجهة المسؤولة رسمياً عن التوثيق ــ بهذه المهمّة التي تتوزّع على خمسة مشاريع متعلقة بالتوثيق والأرشفة.
وتشمل هذه المشاريع التوثيق الأرشيفي للمؤسّسات العامة في مئة عام، وأرشفة وتوثيق تطوّر المجتمع والمؤسسات الأهلية، وأرشفة وتوثيق أحداث مفصليّة في تاريخ الدولة الأردنية، والسجلّ الوطني للصور الفوتوغرافية، إضافة إلى منصّة التوثيق الوطنية (وثّق). كما سيجري تشكيل لجنة مختصّة بتدقيق وتحقيق الوثائق التي تصل إلى المنصّة، وتصنيفها بحسب الأهمية والنوع.