استمع إلى الملخص
- تميزت دي أمارال بتجريبها في فن النسيج باستخدام مواد متنوعة مثل الكتان والقطن وشعر الخيل وأوراق الذهب، مما يعكس رؤية معاصرة ومواضيع راهنة.
- يعرض المعرض تطور أساليبها نحو التجريد في الستينيات والسبعينيات، وتأثرها بالحركة البنائية والتقاليد الحرفية في أميركا الجنوبية والفنون القديمة.
يُفتتح مساء السبت، الثاني عشر من الشهر الجاري، في "مؤسسة كارتييه للفن المعاصر" بباريس، معرض استعادي للفنانة الكولومبية أولغا دي أمارال (1932)، والذي يتواصل حتى السادس عشر من آذار/ مارس المقبل، ويضمّ حوالي تسعين عملاً.
استعادة تجربة دي أمارال تبدأ منذ الخمسينيات حيث نالت درجة الدكتوراه في الهندسة المعمارية من "كلية مايور دي كونديناماركا" بكولومبيا، لكنها اختارت أن تستكمل دراستها في "أكاديمية كرانبروك للفنون" بولاية ميتشيغن الأميركية التي تخرّجت منها عام 1955، متخصّصة في فن النسيج.
استطاعت الفنانة أن تثبت اسمها على صعيد التجريب في فنٍ تتكئ أساسياته على الحرف التقليدية، فأدخلت مواد مختلفة في نسيجها مثل الكتان والقطن وشعر الخيل وأوراق الذهب أو فلزّ البلاديوم، ضمن رؤية معاصرة تعكسها تركيبات ضخمة تعبّر عن مواضيع راهنة.
تعكس الأعمال المعروضة المناظر الطبيعة ضمن تضاريس كولومبيا المتنوعة
كما يضيء المعرض تطوّر أساليبها في عقديْ الستينيات والسبعينيات نحو التجريد في أعمال جدارية ضخمة ثلاثية الأبعاد يستعصي تصنيفها فنياً، بالإضافة إلى تجريبها على شبكة النسيج نفسها وطبيعة صباغتها بألوان متأثرة بالحركة البنائية التي ظهرت في بدايات القرن العشرين، وبالتقاليد الحرفية في أميركا الجنوبية، وبالفنون القديمة في حقبة ما قبل كولمبس؛ قبل دخول المستعمر الأوروبي نهاية القرن الخامس عشر.
يوضّح بيان المنظّمين بأن أعمال دي أمارال انسجمت بشكل كبير مع ديناميكيات الفن التجريدي بعد الحرب العالمية الثانية، وانتقلت بأسلوبها الجريء بفن النسيج الذي ظل مهمشاً لفترة طويلة بسبب تصوره كفن زخرفي تمارسه النساء أساساً، لتسهم مع عدد من فناني كولومبيا صعدوا كطليعة فنية توظّف عناصر التراث في تقديم حداثة فنية تمثل بلادهم.
تعكس بعض الأعمال المعروضة المناظر الطبيعة ضمن تضاريس كولومبيا المتنوعة، مثل الهضاب المرتفعة في جبال الأنديز والوديان والسهول الاستوائية الشاسعة، وقد نفّذت جزءاً منها بعد منتصف التسعينيات في سلسلتين هما: "النجوم" و"الضباب"، وهي لوحات مذهّبة تتكوّن من بنية قطنية منسوجة صلبة مغطاة بطبقة سميكة من الجسو (مادة ممزوجة بالطباشير والجبس والأصباغ) ثم يتم طلاؤها بالأكريليك وورق الذهب، لإخفاء أي أثر للنسيج.
لم تتأثر أولغا دي أمارال بمدارس التجريد التي برزت في روسيا قبل نحو مئة عام، والتجريدية التعبيرية في الولايات المتحدة في نهاية الأربعينيات، بل انفتحت على ثقافات أُخرى في تجارب أدخلت بها ورق الذهب في النسيج بعد رحلة إلى اليابان، كما اطلعت على ممارسة مشابهة في أيرلندا.
يُذكر أنه أُقيم معرض استعادي لتجربة الفنانة في عام 2021 تحت عنوان "نسْج صخر"، وصدر كتاب يحمل العنوان نفسه، ويضمّ أكثر من أربعين عملاً إلى جانب مقالات تتناول العلاقة بين الفن والحرفة في تجربة دي أمارال، وجدلية الروحي والمادي في أعمالها.