"ابن رشد على حق": أصداء فرنسية لصوت العقل

05 يناير 2021
+ الخط -

يكاد اسم ابن رشد لا يغيب يوماً من الساحة الثقافية والتعليمية الفرنسية، حيث تحضر التعليقات على أعماله، وأحياناً أعماله نفسها، في واجهات المكتبات ورفوفها، وفي برامج وسائل الإعلام، كما أن فلسفته باتت، مع فلسفة عدد من أقرانه العرب، مثل الفارابي وابن سينا وابن باجة وابن طفيل، جزءاً من البرنامج التعليمي في كثير من أقسام الفلاسفة في الجامعات الفرنسية.

في هذا السياق تأتي سلسلة الحلقات الإذاعية "ابن رشد كان على حق" التي بثّت إذاعة "فرانس كولتور"، أمس، الجزء الأول منها (من أصل أربعة أجزاء) تحت عنوان "التطبيب والقضاء من أجل تفلسفٍ أفضل"، بمشاركة المفكّر المغربي علي بن مخلوف، الذي وقّع العديد من الكتب حول ابن رشد والفلسفة العربية.

بن مخلوف ذكّر الأسباب التي تجعل من قراءة ابن رشد (1126 - 1198)، والعودة إلى أعماله، ضرورةً في يومنا هذا، باعتباره واحداً من آباء الفلسفة كما نعرفها اليوم، وأحد أبرز جسور تنقّلها بين طرفي المتوسّط. ويشير أستاذ الفلسفة المغربي إلى أن هذه الضرورة تصبح أكثر إلحاحاً عندما نتذكّر حملات المنع والتشويه والتعتيم التي تعرّض لها صاحب “فصل المقال”، في ثقافته وفي الثقافة الأوروبية، طيلة العصر الوسيط.

وللإجابة عن سؤال “من كان ابن رشد؟”، توقفت الحلقة الأولى من السلسلة عند سيرة الفيلسوف والبيئة المعرفية التي أحاطت به في عائلته، بفضل جدّه، قاضي قرطبة، أبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد القرطبي (1058- 1126)، ووالده، القاضي والفقيه أبي القاسم أحمد بن أبي الوليد. ونوّه علي بن مخلوف بأن فلسفة ابن رشد بأكملها مدينةٌ إلى هذا الإرث، باعتبارها مبنية على باراديغمَي العدل والطبّ، وهو الذي كان، إلى جانب اشتغاله المعرفي، قاضياً وطبيباً.

يُذكر أنه سيجري بثّ الأجزاء المتبقية من السلسلة طيلة شهر كانون الثاني / يناير الجاري في حلقات برنامج "دروب الفلسفة" الأسبوعي، أكثر برامج الإذاعات الحكومية الفرنسية جذباً للمستمعين في صيغة "بودكاست" العامَ الماضي. ومن المنتظر أن تحاول بقية أجزاء السلسلة الإجابة عن أسئلةٍ حول دور ابن رشد في النقاشات الفلسفية الوسيطة والحديثة، والنحو الذي وافق فيه بين التفكير المنطفي والتفكير الفلسفي، وبين الإيمان والعقلانية.

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون