إيليسا فيكتوريا… عن أزمة الزمن الراهن

16 سبتمبر 2023
إيليسا فيكتوريا (1985)
+ الخط -

"على الجانب الآخر سنكون داخل الأيام، داخل الأشهر والسنوات، نواجه هذه الصورة الفيزيائية التي قد تطمس بحضورها المادي اللحظة الحالية. على الطرف الآخر ستكون ذكرى هذه اللحظة، وما كانت تعنيه بالنسبة إلينا، بالنسبة إليكَ، وإليّ"، بهذه الطريقة تودّع ريناتا؛ بطلة رواية "أوتابيرا" للكاتبة الإسبانية إيليسا فيكتوريا (1985)، قرّاءها، بعد مونولوغ طويل تتحدث فيه عن الزمن، عن اللحظة الراهنة، عن المستقبل، وعن معنى الذكرى.

تحكي الرواية، التي صدرت حديثاً عن دار نشر "بلاكي بوكس"، قصّة فتاةٍ تُدعى ريناتا، أُصيبت بصدمة نفسية بسبب موت صديقها المفضّل؛ وهو أمرٌّ ستلوم نفسها عليه مدى الحياة. هذا الحدث سيُغيّر في شخصية البطلة، إذ أنّها لن تستطيع العيش في الحاضر.

هكذا، تارةً خلف قناعها الشخصي، وتارةً خلف قناع راوي الأحداث، ستعاني ريناتا أزمة في إدراكها للوقت، وستنفصل عن اللحظة الراهنة، لتجد نفسها تعود إلى قرية "أوتابيرا"، تحديداً في العام 1989، حين مات صديقها. هناك ستستعيد الأحداث، كما لو أنها تتخيّل المستقبل. فبعد إعلان حبه لها، وبعد أن رفضته، تبدأ أحداث الرواية بالتسلسل، ويتداخل الماضي بالحاضر والمستقبل.

غلاف الكتاب

ستستفيد الكاتبة من هذه الحبكة لتكشف مدى تعقيد بعض المفاهيم والأمور التي يعيشها الكائن الإنساني دون التفكير فيها: الواقع، الماضي، والمستقبل. كذلك ستعبّر عن ثقل الكلمات، وغموض المشاعر والروابط العاطفية، وعمق الألم والشعور بالذنب وقدرتهما المدمّرة، وإدراك مرور الوقت، والانتقال من حياة إلى أُخرى وما بين هذا وذاك من علاقات متناقضة قريبة من الخيال والواقع. 

تروي إيليسا كلّ هذه التفاصيل بروح دعابة ونبرة حنونة وخيالية إلى حدٍّ ما، لكنها نبرة بسيطة وسلسلة في الوقت نفسه. في بعض الأحيان سيلاحظ القارئ وجود بعض التعقيدات في حبكة الرواية، كما لو أنّ الأمر أشبه بلغزٍ أدبيٍ، وسيظهر ذلك واضحاً في صوت الراوي، بأقنعته المتعدّدة، والمتناقضة والقادرة على القفز بين الأزمنة دون أي عوائق أو حواجز. 

يُذكرَ أن إيلسيا فيكتوريا من مواليد إشبيلية عام 1985، ومن أعمالها الروائية، نذكر: "صوت امرأة عجوز" (2019)، و"المبشّر" (2021).

 

 
المساهمون