بعد فترة قصيرة من إعادة تهيئة "مسرح الرشيد" في العاصمة العراقية بغداد، والذي ظلّ مغلَقاً منذ الغزو الأميركي عام 2003، وجد المسرحيون العراقيون الذين ساهموا في تأهيله أنفسهم من جديد أمام تحدٍّ آخر.
في 24 كانون الثاني/ يناير الماضي، وردت مراسلة من "وزارة الإعمار والإسكان" إلى "المؤسّسة العامة للسينما والمسرح"، التابعة لوزارة الثقافة العراقية، تطالبها بضرورة تسليم قطعة الأرض التي شُيّد عليها "مسرح الرشيد"، بدعوى أنّ ملكيتها لا تعود إلى وزارة الثقافة التي استجابت للطلب، قبل أن تبدأ موجة احتجاجات رأت في تلك الخطوة تمهيداً لهدم المسرح.
مع تصاعد الاحتجاج، قرّر مجلس الوزراء العراقي الاستجابة للمثقّفين وإبقاء المسرح على ذمّة الفن، بتحويل ملكيته بشكل نهائي إلى وزراة الثقافة. واقعة، رغم نهايتها السعيدة، تُظهر هشاشة الكثير من البنى الثقافية، باستسهال قرارات إخلاء المباني الثقافية وتحويل وظيفتها، ناهيك عن ضرورة وجود تدخّل سياسي فوقي لحماية هذه المنشآت.
الغريب في الأمر أنّ وزارة الإعمار والإسكان لم تتفطّن إلى مسألة ملكية الأرض التي شُيّد فوقها المسرح إلّا بعد ترميمه وعوته إلى النشاط، على الرغم من بقائه لقرابة ثمانية عشر عاماً بآثار التدمير التي تركها العدوان الأميركي.
مرور هذه الأزمة بسلام لا يعني انتصاراً نهائياً للثقافة في العراق وفي غيره من البلدان العربية، ففضاءات كثيرة لا تزال تحت رحمة أيّ قرار إداري. لا ننسى أنه، منذ أيام قليلة فقط، أُغلق فضاء "الأتيليه" في الإسكندرية، ولم تُفد احتجاجات المثقّفين في دفع هذا المصير.