إلياس خوري.. ثلاث افتتاحيات بعد السابع من أكتوبر

16 سبتمبر 2024
إلياس خوري في باريس، 1995 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- إلياس خوري، الروائي والصحافي اللبناني، رحل عن عالمنا وترك خلفه افتتاحيات مؤثرة في مجلة "الدراسات الفلسطينية"، مخصصة للشهيد وليد دقّة، تحت عنوان "العين المفتوحة".

- خوري كان ملتزماً بالقضية الفلسطينية منذ شبابه، واعتبر غزّة مقياساً للقيم الأخلاقية في العالم، حيث تنهار القيم ويتحول الإنسان إلى ظل لإنسانيته.

- في افتتاحياته، أكد خوري أن النكبة الكبرى لن تتكرر، وأن الإسرائيليين يحاولون تحويل النكبة إلى سلسلة من النكبات الصغرى، معتبراً غزّة استثناءً ونموذجاً لفلسطين المقبلة.

"يمتلك الشهيد عينَين: الأُولى كي يشهد من خلالها لأنّ أحد المعاني الحَرْفية لكلمة شهيد هو من يشهد أي من يرى. والعين الثانية تكون مُغمضة لأنها تُشير إلى موته، وعندما يتوغّل في الموت تنفتحُ عينُ الشهيد من جديد"، بهذه الكلمات افتتح الروائي والصحافي والناقد اللبناني إلياس خوري، الذي رحل عن عالمنا أمس الأحد، العدد الأخير من المجلّة التي يترأس تحريرها "الدراسات الفلسطينية"، والذي خُصّص للشهيد وليد دقّة تحت عنوان "العين المفتوحة".

قبل "العين المفتوحة"، وقّع الراحل (1948 - 2024) افتتاحيَّتي شتاء وربيع 2024 من الفصليّة: "أين تقعُ غزّة؟" و"كلُّ فلسطين هي غزّة"، وكان من المنتظر أن يصدر عدد الخريف قريباً، ليكونَ الرابعَ للمجلّة بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، لكن الموت كان أعجل، فخطف خوري كما الشهيدين الأديبَين وليد دقّة قبل خمسة أشهر، ورفعت العرعير في كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي، وإن كان خوري ليس معتقَلاً كدقّة ولا محاصراً بالإبادة كالعرعير، وبالتزامن مع الذكرى الثانية والأربعين لمجزرة صبرا وشاتيلا التي تحلّ ذكراها اليوم الاثنين.

رأى أنّ غزّة تُشكّل اليوم مقياساً لمآل القيم الأخلاقية في العالم

تُشكّل الافتتاحيات الثلاث خُلاصة التزام إلياس خوري بالقضية الفلسطينية، وتوقيعه لها ليس تلك المهمّة الوظيفية، بل هو الانتماء المُلتزِم منذ التحاق ابن حيّ الأشرفية البيروتي، وهو في مطلع العشرينيات من عُمره بالعمل الفلسطيني الثوري. العدد الأوّل من "الدراسات الفلسطينية" بعد الطوفان تأخّر صدورُه حتى شتاء 2024، فالعملية اللّامُتوقّعة، والإبادة التالية، حتّمت إنصاتاً وتحضيراً موازياً حتى خرج العدد في 370 صفحة، وفي افتتاحيته يكتب خوري: "تُشكّل غزّة اليوم مقياساً لمآل القيم الأخلاقية في العالم، فهنا على الشاطئ الجنوبي للمتوسّط تنهار جميع القيم، ويتحوّل الإنسان إلى ظِلٍّ لإنسانيته. هُنا في غزّة تتمّ جريمة إلغاء التمييز، أو محاولة إلغاء التمييز بين العدالة والظلم، بين الموت والحياة، بين الضمير وغيابه".

في العدد التالي "غزّة تردّ بالكتابة"، الذي صدر في ربيع العام الجاري، وكانت الإبادة قد أتمّت نصف عام ولم يبق للدعاية الإسرائيلية من أدوات تغطّي على جرائمها، يكتب خوري: "النكبة الكبرى لن تتكرّر، وهو ما جعل الإسرائيليين يلجأون إلى تحويل النكبة إلى مسار من مجموعة نكبات صُغرى احتلّت الحياة الفلسطينية منذ سبعة عقود. غير أن غزّة تُشكّل استثناءً، ربما لأن الإسرائيليّين يريدون تحويلها إلى نموذج فلسطين المُقبل".

في زمن الصليب (نسبة لعيد الصليب الذي احتُفل به أول من أمس السبت) يرحل إلياس خوري، وعُمره من عُمر النكبة الفلسطينية تماماً، ستةٌ وسبعون عاماً، وكأنّ القدر الذي جمعَه والشعب الفلسطيني بهذا الميلاد حتّم عليه أن يُقاسم رفقاء دربه الفلسطينيّين صليبهم الثقيل ونكبتهم المستمرّة كما عنون كتابه الأخير.
 

المساهمون