في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات الفلسفية والنقدية والاستشراق وتاريخ الأدب والشعر والقصة القصيرة والرواية.
■ ■ ■
عن "سلسلة ترجمان" في "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، صدرت حديثاً النسخة العربية من كتاب "ليفي ستروس" للباحث الفرنسي موريس غودلييه، بترجمة نصير مروة. يسترجع غودلييه مسيرة ستروس من خلال زوايا ثلاث: الطموح، والمنهج، والنتائج. ويركّز المؤلّف على بلورة الأنثروبولوجي الفرنسي لنظرية عامّة في القرابة عبر ثلاثة كتب، أبرزها "البنى الأولية للقَرابة" (1955). أمّا الكتابان الآخران، فقد أُنجِزا على صورة مقالات تتالت على امتداد سيرته، والتي قادت إلى وضعه المعايير التي أفضت إلى تصنيف نُظُم القرابة المعروفة.
عن "المؤسسة العربية للدراسات والنشر"، صدر حديثاً الجزء الثاني من الأعمال الشعرية للشاعر اللبناني جودت فخر الدين (1953)، ويضم خمس مجموعات هي "ليس بعد"، و"فصول من سيرتي مع الغيم"، و"حديقة الستّين"، و"أكثر من عزلة، أبعد من رحلة"، و"هندسة تليها تقاطعات". يُقَدّم العمل بثلاثة مقالات كتبها كلّ من خالدة سعيد، وعبد العزيز المقالح، وزهيدة درويش، وتقف عند الموضوعات التي تتناولها قصيدة فخر الدين، مثل العزلة والخوف والرغبة والزمن والذكريات، كما تعاين البنية الفنية لنصوصه في سياق الحداثة الشعرية العربية.
"الشوق وقصص أخرى" عنوان النسخة الإنكليزية من مختارات قصصية للكاتب الياباني جونيتشيرو تانيزاكي (1886 ـ 1965)، صدرت حديثاً عن "منشورات جامعة كولومبيا" بترجمة أنتوني إتش. تشامبرز وبول مكارثي. يتضمّن الكتاب ثلاثة من أولى النصوص التي كتبها تانيزاكي وجعلته من أبرز كتّاب السرد في بلاده بداية القرن العشرين، وفيها يتطرّق إلى مسائل تخصّ الحياة الأسرية والهوية الثقافية للمجتمع في فترة الحرب العالمية الأولى، خاصة علاقة الأمهات بأبنائهنّ كواحدة من أهمّ سمات الثقافة التقليدية اليابانية في مواجهة التغريب.
لدى دار "مسعى"، تصدر قريباً النسخة العربية من كتاب "سبع طرق لقول تفّاحة" للشاعر الإسباني بنخامين برادو، بتوقيع المترجم المصري أحمد محسن غنيم. يتناول الكتاب ــ الذي سبق لـ"العربي الجديد" أن نشرت فصلاً منه في صفحاتها الثقافية ــ مسألة الكتابة الشعرية، في دفاعٍ معاصر عن الشعر وعن "القصيدة الجيّدة" التي يمكن لها ليس تسمية الواقع فحسب، بل الكشْف عمّا كان مجهولاً فيه وابتكاره أيضاً. يوشّي المؤلّف صفحات عمله بالعديد من القصائد التي يستحضرها ليعطي أمثلة على قدرة الشعر على منْح الجمال لأبسط الأشياء وأعقدها.
عن "منشورات جامعة برينستون" في الولايات المتّحدة، صدر حديثاً كتاب "حَيَوات الأدب: القراءة، التعليم والمعرفة" للأكاديمي أرنولد فينستاين. ينطلق العمل من سؤالٍ لم يعد جديداً، رغم أنه يعود في حلّة الجديد في كلّ مرّة: لِمَ نقرأ الأدب؟ وهو سؤالٌ لا يتردّد في الإجابة عنه بجملة مقتضبة، يعمل طيلة الكتاب على التنويع عليها: لأنّ الأدب يسمح لنا بأن نكون أشخاصاً آخرين. تنبع طرافة الكتاب من أنه يتّخذ من حياة مدرِّسٍ للأدب ــ هو وينستاين ــ خيطاً ناظماً له، ما يفتح الموضوع على أسئلة التعليم والتبسيط والتلقّي.
بترجمة محمد كراي العويشاوي، صدرت حديثًا عن دار "صفحة سبعة" النسخة العربية من كتاب "ميتافيزيقا السعادة الحقيقية" للفيلسوف الفرنسي آلان باديو. يبحث الكتاب في فكرة السعادة على ضوء النُّظُم الليبرالية الحديثة، والتي يقول باديو إنّها حوّلت سعادة الناس إلى سلعة تُباع وتُشترى وتتعرّض إلى التلف أيضاً، مميّزاً بين نوعَين منها: الأُول، سعادة وهمية يعِد بها النظام الليبرالي، تقتصر على الجانب الاستهلاكي، وهي حكرٌ على المترفين؛ والثاني، سعادة حقيقية تُجسّد إرادة الإنسان وتتحقّق خارج شروط العالَم الليبرالي.
لدى منشورات "غارنييه كلاسيك" في باريس، صدر حديثاً كتاب "الأدب اليوناني الحديث" للباحث هنري تونيه. بخلاف عديد من مؤرّخي الأدب اليوناني، اختار المؤلّف مدّ مفهوم "الحديث" على الأدب الذي كُتب باليونانية بين القرنين العاشر والعشرين؛ وهو يصنّف ويسمّي ويعلّق على أبرز الكتب والنصوص التي ظهرت بين هذين القرنين وشكّلت لحظة مفصلية في تاريخ الكتابة باليونانية. ينطلق الكتاب من أعمال شعرية وسردية ــ في الغالب مجهولة لدى القارئ ــ تعود إلى العصور الوسطى، وينتهي بعدد من الكتّاب الأحياء، مثل أندرياس أبوستوليديس.
عن دارَي "ابن النديم" و"الروافد الثقافية"، صدر حديثاً كتاب "التسارع، الاغتراب، والتصادي: قراءات في فكر هارتموت روزا" للباحث كمال بومنير. يضمُّ العمل قراءات مترجمة حول قضايا اجتماعية وفلسفية تناولها المفكّر الألماني (1965) الذي يُعَد ممثّل الجيل الرابع من "مدرسة فرانكفورت" النقدية، خصوصاً في عملَيه "التسارع: نقد اجتماعي للزمن" (2005) حيث شخّص أزمة الحداثة انطلاقاً من مفهوم "التسارُع الاجتماعي"، ثم "التصادي: سوسيولوجية العلاقة مع العالَم" (2016) الذي اقترح فيه بدائل للتسارع الذي فرضته الحداثة الغربية.
بترجمة نزار آغري، صدرت حديثاً عن "الكتب خان" رواية "ما تبقّى من الليل" للكاتبة اليونانية إرسي ستيروبولوس. مُستندَةً إلى وقائع حقيقية، تكتب المؤلّفة نصّاً تخييلياً عن رحلة مُواطنها، الشاعر قسطنطين كفافيس (1863 - 1933)، وأخيه جون إلى باريس عام 1879، وكان حينها في السادسة عشرة من عمره؛ حيث تفتح على أفكار وهواجس ورغبات وأحلام الفتى الذي سيُصبح، لاحقاً، أبرز شاعر في اليونان المعاصر. تعمل ستيروبولوس أستاذةً للأدب المقارن في "جامعة برنستون" الأميركية، وصدر عملها بالإنكليزية عام 2018 عن منشورات "نيو فيسيل".
صدر حديثاً عن "الهيئة العامّة لقصور الثقافة" في مصر كتابٌ بعنوان "في الاستشراق الإنكليزي المعاصر" بترجمة وتعليق محمود محمد مكي. يضمُّ الكتاب نصوصاً لأربعة مستشرقين بريطانيّين معاصرين؛ إذ يُترجِم المؤلّف ويُحلّل نصّاً لـ ديفيد صمويل مارجليوث عن أبي العلاء المعرّي، وآخر لـ آرثر جون آربري عن ابن حزم الأندلسي، قبل أن يُخصّص دراستين لنقد الاستشراق، من خلال استعراض سقطات همري ديفيز في ترجمته كتاب "هزّ القحوف" ليوسف بن محمد الشربيني، ثمّ انحياز برنارد هاملتون لوجهة النظر الغربية في كتابه "الحروب الصليبية".
"بولاق الفرنساوي" عنوان رواية للكاتب المصري حجّاج أدول صدرت عن "منشورات إيبيدي". قدّم المؤلف روايته عبر تدوينة في "فيسبوك" جاء فيها: "هذه الرواية محمّلة بأشجان سنوات الحرب، وبزملائي خلال تلك السنوات الصعبة الشاقّة المرهقة والمجيدة، ومنهم مَن استشهد ومنهم مَن أصيب ومنهم مَن كُتب له الخروج سالماً ظاهرياً، ومن ضمنهم أنا. خرجنا في تعب نفسي، فلم تكن سنوات الحرب هيّنة، ولا يعلم ما هي الحرب سوى مَن حارب، فمهما سمع ومهما تابع مِن أفلام تصوّر الحروب القاسية، فالذي ذاق ليس كمن تابع من بعيد قارئاً أو مشاهداً".
عن دار "المتوسط"، صدر مؤخّراً كتاب "جدار على الحدود: قصص من أدب المهاجرين في إيطاليا" أعدّه وترجم نصوصه من الإيطالية الكاتب والمترجم السوري المقيم في إيطاليا يوسف وقّاص. من النصوص التي تضمّنها الكتاب: "أنا تلك التي لم تعد تحتمل" لـ غابرييللا كوروفيللا، و"يوم الخبز" لـ إرمينيا ديل أورو، و"حديقة الطفولة" لـ ناتاليا سولوڤيوڤا، و"سيسّي والكيلّنكانزاري" لـ هيلين باراسكيڤا، و"أبناء" لـ كانديلاريا روميرو، و"جدار على الحدود" لـ أدريان برافي، و"نَفَسُ الشيطان" لـ إنغريد بياتريس كومان. يذكر أن لوقاص أعمالا أدبية مكتوبة مباشرة بالإيطالية.
عن "دار الوتد"، صدر مؤخّراً كتاب "لذّة المكاشفة السردية" للباحث والشاعر التونسي سامي نصر، وفيه يدرس الحركية بين الأجناس المنصهرة داخل الرواية، من زواية أن القدرة على استيعاب أشكال كتابة متنوّعة هي من خصوصيات الجنس الروائي، وكيف تتولّد اللذّة النصّية من هذا التعدّد الأجناسي. من مؤلّفات نصر الأخرى: "ذاكرة لاتّساع اللغات" (1996)، و"كتاب السيرة، المعروف بعربة لخيل الأساطير" (2001)، و"الأمطار" (2006)، و"عودة أورفي" (2008)، و"هبوط إيكاروس" (2008)، و"حكايات جابر الراعي" (2014)، و"الطائر البشري" (2017).