في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات الاجتماعية والفكرية واللغوية والتحليل النفسي والذكاء الاصطناعي والرواية.
■ ■ ■
صدر حديثاً كتاب "دراسات اجتماعية من العراق" للباحثة والأكاديمية العراقية لاهاي عبد الحسين عن "دار المدى". يضمُّ العمل ثلاث دراسات تُضي على الإسهامات النظرية والمنهجية لعالم الاجتماع العراقي علي الوردي (1913 - 1995)، والذي ترى المؤلّفة أنّه "ساهم في تنوير العقل العراقي ونجح في إثارة الوعي الاجتماعي وتوجيهه للتعرُّف على أهمية القوى الاجتماعية المؤثّرة ذات الفعل والفاعلية في الحياة اليومية". كما يضمُّ الكتاب دراسات حول مستقبل علم الاجتماع في العراق، ويستعرض تجربة فالح عبد الجبار (1946 - 2018) في هذا المجال.
"بلادٌ على أُهبة الفجر: العصيان المدني والحياة اليومية في بيت ساحور" عنوان كتاب صدر حديثاً عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" للباحث الفلسطيني أحمد عز الدين أسعد، ويوثّق فيه واقع البلدة التي تبعد 10 كلم جنوب القدس إبّان سنوات الانتفاضة الشعبية الفلسطينية الأولى عام 1987، من خلال تحليله لعوامل ساهمت في عودة العصيان المدني في بيت ساحور، والذي يرتكز أساساً على البنيات الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية، حيث تبلورت هوية البلدة المقاومة في نضالها لمواجهة الضرائب التي فرضها الاحتلال.
لدى منشورات "فاريو" في باريس، صدر حديثاً الكتاب الجماعي "اللايقين في التحليل النفسي" بتحرير الطبيب والمحلّل النفسي جان إيف تاميه، ومشاركة محلّلين وباحثين في هذا المجال. يسعى العمل إلى إيضاح مكانة اللايقين ـ الذي يرد بصيغة الجمع في عنوان الكتاب الأصلي بالفرنسية ـ في صُلب التحليل النفسي، كممارسة علاجية وكخطابٍ معرفيّ، وذلك في المتن الفرويديّ وكذلك في العديد من الحالات العينية التي يقدّمها المشاركون في العمل. مقولة أغلب هذه المشاركات تتمثّل في ضرورة اللايقين وفي دوره بالكشف عن مُضمرات النفس البشرية.
عن منشورات "معنى" صدر مؤخّراً كتاب "تقديم الذات في الحياة اليومية" لعالم الاجتماع الأميركي إرفنغ غوفمان بترجمة ثائر ديب. صدر العمل أوّل مرة عام 1956 وصنّف لاحقاً كواحد من أهمّ كتب علم الاجتماع في القرن الماضي. تكمن أهميّته في كونه أوّل محاولة تنظيرية لوصف كيف يدير البشر صورهم والانطباع العام عنهم داخل منظومة الحياة الاجتماعية. يستخدم غوفمان صورة مجازية من خلال تمثيله للحياة العامة كمسرح، وقد عُرفت منهجيّته لاحقاً باسم التحليل الدراماتورجي. تجدّد الاهتمام بهذا العمل مع صعود ظاهرة شبكات التواصل.
"في إزاحة التّخوم: فصوص في جماليات التفكيك" عنوانُ كتابٍ صدر مؤخّراً عن "دار الرّافدين" للباحث الجزائري محمد البكاي. يقدّم العمل مقاربات حول مجموعة من قضايا الفنون، من خلال عددٍ من المفاهيم الأساسية في الفكر الفرنسي المعاصر، مثل الإرجاء والكتابة والتفكيك. من فصول الكتاب: "تكتيكات وتفكيكات، النص والأثر بين الحفريات والجماليات"، و"النصّ وبصيرة التفكيك"، و"الإرجاء وأوديسّا البحث عن الكتابة الأصلية"، و"كتابة الفلسفة وامتدادات الاستعارة"، و"سيمولاكر النصّ وتهديد الدلالة"، و"سياسات الاختلاف عند دريدا".
عن "منشورات جامعة هارفرد"، صدر حديثاً كتاب "أسطورة الذكاء الاصطناعي: لماذا لا تستطيع أجهزة الكمبيوتر التفكير بالطريقة التي نفكّر بها" للباحث إريك جي. لارسون. يضيء الكتاب كيفية عمل الذكاء الاصطناعي التي تقوم على الاستدلال الاستقرائي من خلال دراسة مجموعات كبيرة من البيانات للتنبّؤ بنتائج غير متوقّعة، لكنّها تظلّ قاصرة مقارنةً بالذكاء البشري الذي يصِل إلى تخمينات مستنيرة عبر قراءة البيانات في سياقها والاعتماد على خبرات متراكمة في كلّ حقل معرفي، مبيّناً أن الذكاء الاصطناعي يُعتبر عِلماً يشوّه العلوم.
عن دار "فارابي" التركية في إسطنبول، صدرت حديثاً رواية "الخميادو" للكاتب والإعلامي السوري إبراهيم الجبين. في حبكةٍ تجمع بين الواقعيّ والمتخيّل، يتناول الجبين المأساة السورية عبر المزج بينها وبين فصولٍ عاشها العرب في الأندلس، حيث يتوزّع السرد بين حاضرٍ يلي الثورة السورية بسنوات طويلة، وبين ماضٍ يأتي ليضيء تفاصيلَه. تحضر في العمل شخصيّات عدّة عُرفت خلال الثورة السورية، مثل الكاتب الفلسطيني سلامة كيلة (1955 ـ 2018) والمغنّي السوري سميح شقير. من أعمال الجبين السابقة: "أجراس الوباء" و"عين الشرق".
"تحطيم التماثيل في فضاءات العالم العربي العامّة" عنوان كتاب للشاعر والباحث شاكر لعيبي صدر حديثاً عن "دار خطوط وظلال"، وفيه يتناول ظاهرة تحطيم التماثيل التي يربطها، في الحالة العربية، بغياب تذوُّق الفنّ وتقدير أهمّية الآثار الفنية بسبب غياب مادّة تاريخ الفن عن غالبية مدارس العالم العربي، وفق قوله. كما يعتبر أنّ التنديد بالظاهرة عادةً ما ينطلق من كون الأعمال الفنّية وثيقة تاريخية وموضع اعتزاز قومي، وليس لجهة أهمّيتها الجمالية. يشير الكاتب إلى مفارقةٍ تتمثّل في أنّ نهب آثار المنطقة أمّن لها حمايةً في متاحف غربية.
صدر حديثاً عن "دار أفريقيا الشرق" كتاب للباحث المغربي أحمد السكسيوي بعنوان "القانون أفقاً للتفكير". انطلاقاً من ملاحظته أنّ الدرس القانوني الجامعي في المغرب يعاني من إكراهات تُنتج "عقلاً قانونياً دوغمائياً"، يدعو المؤلّف إلى قراءة جديدة وحداثية للنصّ القانوني بهدف تحرير المجتمع من سلطويّته، معتبراً أن ذلك يقتضي تحديد ثلاث نظريات: التفكير الإبستمولوجي في القانون من خلال البحث عن ترابطاته مع العلوم الإنسانية وعلوم الآلة، والبحث في التفكير النقدي بوصفه أداة ناقدة لآفات العقل القانوني، ثم البحث عن سبل تطويره.
عن منشورات "مخبر اللّغة والمعالجة الآليّة" ("جامعة صفاقس"، تونس)، صدر مؤخراً كتاب "التضافر وقضايا مختلفة في الفنون البصريّة" للباحث التونسي وسام عبد المولى. يقول المؤلّف في تقديمه كتابه: "إنّ إثارَتَنا لمسألة التّضافر في علاقةٍ بالفنون البصريّة ولَّدت فيّ تساؤلات جديدة متفرّقة ومتداخلة أحياناً، منها ما يتّصل بعلوم الفنّ ونظريّاته في علاقة بالفنون البصريّة وسائر العلوم البينيّة، ومنها ما يتعلّق بقضايا مختلفة، من أهمّها المفاهيم والممارسات الفنّيّة والتّصميم والإنتاج النّقدي الأكاديمي والفنّيّ".