في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات الفكرية والتاريخية والفلسفية وأدب الرحلات واللغة والمقالات.
■ ■ ■
"قرن من الشعبوية: التاريخ والنظرية والنقد"، عنوان النسخة العربية من كتاب أستاذ علم الاجتماع الفرنسي بيير روزانفالون، الذي صدر حديثاً عن "سلسلة ترجمان" في "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" بترجمة محمد الرحموني. ينطلق العمل من فكرة أن الشعبوية ليست ابتداعاً دكتاتورياً، بل هي جزء من تاريخ الديمقراطية نفسها، حيث ترتكز نظرياً على القطيعة مع المفاهيم السوسيولوجية الشائعة عن الشعب؛ وفي القطيعة مع الديمقراطية التمثيلية واستبدالها بالديمقراطية الآنية والمباشرة عبر الاستفتاء وبزعيم يجسّد الشعب.
عن "المؤسسة العربية للدراسات والنشر"، صدر حديثاً كتاب "دروب غير مطروقة في فلسطين: مقتطفات من رحلات القنصل البريطاني جيمس فن في القدس في فلسطين وشرقي الأردن، 1846 - 1859"، بترجمة جمال أبو غيدا وتقديم جوني منصور. يتضمّن الكتاب نصوصاً تعود إلى منتصف القرن التاسع عشر ولا يمكن فصلها عن السياسة البريطانية العامّة نحو الإمبراطورية العثمانية آنذاك، حيث لا يقتصر دور القنصل البريطاني على صفته التمثيلية، بل إنه يقوم بجمع المعلومات والأخبار والتفاصيل الجغرافية والتاريخية والأثرية وتقديمها إلى سلطات بلاده.
ً
صدر عن "منشورات جامعة ييل" كتاب "قصة توت عنخ آمون: الحياة الحميمة للفتى الذي أصبح ملكاً" للباحث في المصريات غاري ج. شو. يعيد المؤلّف كتابة سيرة الملك الفرعوني (1341 - 1323 ق.م)، أبرز ملوك الأسرة الثامنة عشرة، والذي نال اهتماماً كبيراً من قبل المؤرّخين رغم أنه لم يحكم سوى 9 أعوام ورحل قبل أن يبلغ العشرين، لكنّه ترك تأثيراً كبيراً، سواء في ما يتعلّق بالمعتقدات الدينية عبر توحيد الآلهة، أو في نقل العاصمة من طيبة إلى تل العمارنة التي شهدت ازدهاراً في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما توضّح النقوش.
عن "مدارات للأبحاث والنشر" تصدر هذه الأيام المجلّدات الثلاثة الأولى من "جمهرة المقالات" لعبّاس محمود العقّاد، وهو مشروع من جمع الباحث عبد الرزاق عيسى ومراجعة الباحث أحمد حجازي. تحمل المجلّدات العناوين التالية: "من وحي السِّيرة الذاتية"، و"التراجم والسير"، و"في رحاب الأدب والنقد 1". ومن المقرّر أن تصدر بقية مجلّدات الجمهرة الخمسة عشر مقسّمة حسب الموضوعات. وتُعدّ مقالات العقاد المتناثرة في المجلَّات والصحف المصرية والعربية أكثر ما يُدلّل على موسوعيته وتنوّع الموضوعات التي تناولها، كما أنّها تكشف عن أسلوبيته الخاصّة.
"لويس ألتوسير"، عنوان كتاب الباحث الفرنسي لوك فريتر الصادرة ترجمته عن "دار المحروسة" بتوقيع مارك مجدي. يشرح الكتاب كيف فسّر الفيلسوف الفرنسي (1918 - 1990) أعمال كارل ماركس وطوّرها، والمضامين السياسية لذلك التفسير، إلى جانب النظر في مفهوم الأيديولوجيا ودوره في الثقافة والنقد، كما يبسط القول في نظريات ألتوسير الجمالية في الأدب والمسرح والفن. وحسب المؤلّف، فإنّ ألتوسير ثوّر النظرية الماركسية، وغيّرت كتاباته شكل النقد، وما زالت تأثيراتُها قائمة إلى اليوم في نظريات أُخرى كالنسوية وما بعد الكولونيالية.
"الكتب التي دمّرت حياتي وقصص حبّ حزينة أُخرى"، عنوان كتاب الإيطالية داريا بينياردي الصادرة ترجمته عن دار "صفحة 7"، والتي أنجزتها أماني فوزي حبشي. من أجواء الكتاب نقرأ: "تتأمّل الكاتبة في روايات أثّرت على حياتها تأثيراً سلبياً؛ كتب حملت لها الرذيلة والشر والحقد، ودمّرت فترة ما من حياتها. ربما كانت ستعيشها بشكل أفضل من دون تلك القراءات. ولكنّها في أثناء ذلك تكشف لنا تفاصيل حياتها وعائلتها وعملها والصداقات... وتستعرض بالمقابل ما أنقذ حياتها من كلمات وقصائد شعر. إنه كتاب مختلف في عرضه وتعريفه للقراءة".
عن "المركز القومي للترجمة" في القاهرة، صدرت حديثاً النسخة العربية من كتاب "مغامرة المنهج" للمفكّر وعالم الاجتماع الفرنسي إدغار موران (مواليد 1921)، بترجمة أيمن عبد الهادي. الكتاب، الذي صدر في الأصل الفرنسي عام 2016، يمثّل عودةً من موران إلى العقودة الثلاثة التي تطلّبها منه تأليفُ كتابه البارز "المنهج"، الذي صدر في ستّة أجزاء بين 1977 و2008، والذي يُعَدّ أكثر كتبه موسوعيةً وسعياً إلى تقديم قراءة شاملة في مفاهيم إنسانية أساسية مثل الطبيعة، والحياة، والمعرفة، والإنسانية، والأخلاق، واللغة، وغيرها.
عن "منشورات جامعة رين" في فرنسا، صدر حديثاً كتاب "ضحِكات الأمس واليوم: أبعد من برغسون" للباحث دانييل غروجنوسكي. وكما يوضح العنوان، يمثّل العمل محاولة لفهم ظاهرة الضحك بما يتجاوز الأطروحة التي جاء بها الفيلسوف الفرنسي هنري برغسون في كتابه "الضحك" (1900)، حيث يستعرض غروجنوسكي العديد من النظريات الأُخرى، من أرسطو إلى فرويد وباتاي، كما يتوقّف عند معاني الضحك في الأدب، والتي تُخرجه من خانة الفكاهي إلى المُقلِق، كما هو الحال عند كافكا. كما يركّز المؤلّف على الدور الذي يلعبه الضحك في مسألة الانتماء.
"اللُّغة: من المعنى إلى النصّ"، عنوان النسخة العربية من كتاب الباحث الكندي ــ الروسي في اللسانيات إيغور مالتشوك، وقد صدرت حديثاً بترجمة عقيل بن حامد الزماي الشمّري في طبعة مشتركة بين منشورات "ابن النديم" و"الروافد الثقافية". الكتاب، الذي نُشر أصله الإنكليزي عام 2012، يقدّم في البداية مراجعة لأبرز النظريات والنتائج التي توصّلت إليها الأبحاث اللسانية والعصبية الحديثة حول طريقة عمل اللغة لبناء المعنى، قبل أن يقترح المؤلّف نظريته الخاصّة حول ولادة المعنى، وهي نظرية شكلانية تعرَف بـ"نظرية المعنى ـ النصّ".