"إدوارد الخرّاط".. مكتبة في ميدان التحرير

19 ديسمبر 2022
جانب من فعالية الافتتاح
+ الخط -

ماذا يحلّ بكتُب الأدباء بعد رحيلهم؟ وحدها الإجابة عن هذا السؤال تُبيّن كيف تتعاطى المؤسسات الحكومية في البلاد العربية مع هذا الإرث. هل نشهد حقاً إقامة متاحف بأسماء هؤلاء الراحلين، أو ندوات واستذكارات (جدّية طبعاً) لهم، أم أنّ قرارات الإزالة والتجريف، كما يحدث في مصر هذه الأيام، هي ما تتهدّد مدافنَ كتّابٍ مثل: طه حُسين ويحيى حقي، أو حتى متاحف ومنازل فناّنين كما حدث مع "متحف نبيل درويش"، ليبقى التبرير جاهزاً دائماً ومتمثّلاً بـ"الخطة العمرانية"، أو بمدّ الكباري والتوسعات الطرقية.

أمام هذا المشهد، يُصبح الأمر متروكاً لورثة الأدباء، ونتحوّل من الشأن العام إلى الخاص، وتصبح المقتنيات من كتُب وأوراق وأغراضٍ مسلوبةَ القيمة الرمزية العامّة. هذا ما حاول أبناء الأديب المصري الراحل إدوارد الخرّاط (1926 - 2015) تجاوُزه من خلال إنشائهم مكتبة عامة، تحمل اسم صاحب "رامة والتنين" (1980)، في شارع ميريت باشا بميدان التحرير أمام "المتحف المصري"، والتي فتحت أبوابها لعموم الجمهور مطلع هذا الشهر، في اليوم الذي يُصادف الذكرى السابعة لرحيله.

ممّا تضمّه المكتبة مخطوطاتٌ ورسائل بخطّ يد الخرّاط

تتضمّن المكتبة ثمانيةً وستين عنواناً من أعمال الخرّاط الروائية والقصصية المتنوّعة، إلى جانب خزانة تحتوي على تذكارات تكريمية تحصّل عليها خلال مسيرته، بدايةً من "جائزة الدولة التشجيعية" (1973)، ومروراً بـ"جائزة نجيب محفوظ" (1999)، التي تقدّمها "الجامعة الأميركية في القاهرة"، وصولاً إلى "جائزة النيل" (2014). 

لتبقى القيمة الأثمن من بين المقتنيات هي المخطوطات التي كتبها بخطّ يده، ومراسلاته مع الكُتّاب والنقّاد. كما عُثر مؤخّراً على 17 ملفاً من المقالات النقدية والترجمات، التي لم يسبق لها أن نُشرت، حيث ستجرى مراجعتُها لتُعرض في المكتبة قريباً. هذا وتوفّر المكتبة، أيضاً، رُكناً لبيع الكتُب الصادرة حديثاً على اختلاف موضوعاتها. 

وقد حضر الافتتاح كُتّابٌ وروائيون مصريون، مثل: إبراهيم عبد المجيد (1946)، الذي يرى نفسه أحد المتأثّرين بأسلوب صاحب "حيطان عالية" (1959)، تلك المجموعة القصصية التي كانت تقود بحمولة رمزية إلى عقد الستينيات، بجوِّه وأُطره الأدبية التي تفاعل معها جيل عبد المجيد. أما الناقد صبري حافظ فقد أشار إلى فترة أسبق، وهي عقد الأربعينيات، فعدا عن أنها شهدت تخرّج الخرّاط ضمن الدفعة الأولى لـ"جامعة الإسكندرية" التي أسّسها طه حسين عام 1942، إلّا أنّ الأهم هو ما شهدته تلك السنوات من تكوّن مشهد ثقافي جديد، كان الخرّاط أحد أبرز وجوهه، إلى جانب المحلّل النفسي مصطفى صفوان (1921 - 2020)، والمؤرّخ وفيلسوف العِلم عبد الحميد صبرة (1924 - 2013)، وآخرين.

ومن المقرّر أن تشهد المكتبة ندوات دورية تُعقد فيها، كما سيُعلن، في 16 آذار/ مارس 2023 (ذكرى ميلاد الخرّاط)، عن جائزة تحمل اسمه، وستكون مخصّصة للكتابات الشابة والأصوات الجديدة.

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون