في مدينة آرل الفرنسية (جنوب)، المعروفة بكونها مركزاً أساسياً للتصوير الفوتوغرافي في أوروبا، حصل أوليفييه ميتزغر على شهادته في التصوير من "المدرسة العليا للفوتوغرافيا" عام 2004، وفي المدينة نفسها، وخلال نسخة 2009 من مهرجانها الفوتوغرافي المعروف "لقاءات آرل"، توّجت لجنةُ التحكيم الفنانَ بجائزة "الاكتشاف"، بوصفه واحداً من أبرز المصوّرين الصاعدين حينها في بلده.
قبل أيام، رحل المصوّر الفوتوغرافي الفرنسي في المدينة الفرنسي نفسها، آرل، وذلك في حادث مروريّ مروّع، بينما لم يتجاوز عمره التاسعة والأربعين عاماً (1973 - 2022).
كان المصوّر الراحل من أبرز المشتغلين في فرنسا ضمن حقل البورتريه، حيث التقط صوراً لكثير من الشخصيات الثقافية والفنية ونشرها في العديد من الصحف اليومية، في فرنسا والولايات المتّحدة، مثل "نيويورك تايمز"، و"لوموند"، و"ليبراسيون"، وغيرها.
على أن عمله الصحافي لم يكن إلّا الجانب المعروف من تجربته، حيث أقام ميتزغر، منذ تخرّجه عام 2004، العديد من المعارض الفردية التي قدّم فيها أعمالاً بدت فيها نظرته الخاصة إلى الوجوه والأشياء، حيث العثور لدى الشخصيات التي يصوّرها على "الجوهر" الذي يميّزها، والتركيز عليها، حيث يمكن لهذا الجوهر أن يكون بسمةً أو طريقة في النظر إلى العدسة أو إلى الأفق.
هذا الجمع بين الفوتوغرافيا الفنّية والصحافية ميّز مسيرة المصوّر الراحل، الذي كان يطعّم كل واحدٍ من هذين الحقلين بخصائص الحقل الآخر، مازجاً بشكل مستمرّ بين التوثيقي والإبداعي، وهو ما نلحظه في آخر صوره على سبيل المثال، كما في السلسلة التي أنجزها هذا العام لصالح "المكتبة الوطنية" في باريس، حيث اختار تصوير الطرقات والمناظر الطبيعية المحاذية للمدن الفرنسية خلال الليل، مسجّلاً مشاهداته حول هذا العالم المسكون بالأشجار والتلال والحيوانات التي تنتظر نوم البشر لتخرج إلى الطرقات، والمسكون حتى بالحرائق، تلك الحرائق التي عرفتها فرنسا خلال الصيف الماضي.