"أن تسكن المدينة".. علاقات تشكيلية جديدة مع الأمكنة

12 أكتوبر 2023
آنا سانتوس (من المعرض)
+ الخط -

لطالما ارتبط مفهوم المكان بالذاكرة، إذ إنه يحتضن جزءاً من تاريخنا ومن تاريخ أجسادنا بوصفه المساحة الفيزيائية التي نمارس فيها أفعالنا، وعلاقاتنا الاجتماعية. وهذا ما يفرض علينا طرقاً معيّنة لاستكشافه وإدراكه ومراقبته، بدلاً من التعامل معه على أساس أنّه مجرد مساحة فارغة نملأها فحسب.

وعلى مرّ التاريخ، تغيّرت علاقة الإنسان مع المكان الذي يسكنه. وقد تكون المدينة، بشكلها الحضري، أبرز تعبيرٍ عن تطوّر العلاقة بين الإنسان والمكان، بوصفها فضاءً مفتوحاً على الإبداع وعلى احتضان أفعالنا الأكثر حميمية.

"أن نسكن المدينة"، هو عنوان المعرض الثلاثي الذي تستضيفه "مؤسّسة البيت المكسيكي" في مدريد، للفنّانِين المكسيكيين آنا سانتوس (1987) وإتسامنا رييس (1988) وإيدغر سولورزانو (1989)، ويستمر حتى الرابع عشر من كانون الثاني/ يناير 2024. 

يتعّمق الفنانون الثلاثة، من خلال لوحاتهم، في مفهوم السكن لفهم معنى العيش في المدينة، ويُعبّر كلّ فنان عن طريقته في فهم هذا المفهوم. غير أن الفكرة الرئيسة التي تسيطر على اللوحات كلها هي أن أفضل طريقة للسكن في مدينة هي أن يعيشها المرء بطريقة إبداعية وحرة.

تعود الفنانة آنا في لوحاتها إلى خرائط ومخططات مسقط رأسها، حيث ترسم سلسلة من اللوحات التي تحدد فيها مسارات وطرقاً تبدو وكأنها شهود على الزمن، من الماضي المتمثّل في بقايا المواقع الأثرية وصولاً إلى الزمن الحاضر، وما في ذلك من تحولات شهدها سكان المدن المكسيكية التي عاشت فيها. 

من المعرض
من المعرض

يلتقط إتسامنا رييس بدوره ما يلاحظه من نوافذ وسائل النقل العام أثناء تنقلاته اليومية من الضواحي إلى نقطة ما في مكسيكو سيتي، ويشهد كيف يتحوّل المشهد شبه الريفي. يفسح اللون الأصفر لحقول الذرة المجال للخرسانة الرمادية وأعمدة الإنارة والمصارف والكابلات، وأكشاك الطعام والقمامة والجسور.

أما إدغار سولورزانو فيركز بدوره على المساحات الحميمة التي تنشأ من الخيال الجماعي، حيث تتطابق ذكرياته الشخصية مع ذكريات الآخرين الذين بدورهم يسكنون مساحة محددة.

من المعرض
من المعرض

تتيح لوحات المعرض للزائر أن يفهم أنّ المدن روح، هي مظهر من مظاهر طريقتنا في التعبير عن رغباتنا واهتماماتنا بأنفسنا وبالآخرين، إضافة إلى الأشياء الأخرى التي تحيط بنا. ربما، هكذا فقط، نحسن السكن في المدينة، عندما نصبح مواطنين، وتتجسد علاقاتنا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في الأشكال المعمارية والعمرانية للمدن التي نسكنها.

المساهمون