كتَب أنطون تشيخوف نص مسرحية "أغنية البجعة" عام 1887، بعد تطويره عن إحدى قصصه، التي تتحدث عن ممثل مسنّ انحسرت عنه الأضواء، ويقف على خشبة مسرح خالٍ من الجمهور في ليلة تكريمه، ويبدأ في الحديث عن حياته وموهبته وحبّه وموته، ويعيد التفكير في السنوات الماضية.
استمدّ الكاتب الروسي (1860 – 1904) عنوان مسرحيته التي تتضمّن فصلاً واحداً، من الأسطورة التي تقول إن البجعة تغرّد تغريدتها الأجمل قبل موتها، حيث يمر شريط حياة البطل أمامه بكل نجاحاته وإحباطاته ليجد نفسه في نهاية المطاف وحيداً بلا زوجة ولا أولاد، في مقاربة معمّقة لثيمة المهرج الذي يُضحك الناس بينما يعيش حزناً عميقاً في دواخله.
"فريدة" عنوان المونودراما التي أعدها وأخرجها أكرم مصطفى عن نص تشيخوف، وبدأ عروضها عند السابعة من مساء الأحد الماضي في قاعة صلاح عبد الصبور بمسرح ىالطليعة في القاهرة، ويتواصل عرضها لمدة أسبوعين.
أسند المخرج بطولة المسرحية للفنانة عايدة فهمي، في انزياح عن النص الأصلي الذي يلعب بطولته فنان مسرحي، ويتكوّن فريق العمل من عمرو عبد الله في تصميم الديكور والإضاءة، وشيماء عبد العزيز في تصميم الملابس، ومحمد حمدي رؤوف في التأليف الموسيقي، وروبي مهاب في الماكياج، إلى جانب المخرج المساعد مي مصطفى، والمخرج المنفذ كمال خضر.
تلجأ البطلة إلى أسلوب المونولوغ الذاتي للشخصية كأداة أساسية للتعبير لاستعراض شريط الذكريات كما تستحضر بعض الأدوار التي أدّتها في محطات مختلفة من حياتها، ومنها شخصيات من مسرح شكسبير وأعمال بوشكين، لإبراز التقاطعات بينها وبين هذه الشخصيات، التي عاشت معها على الخشبة ولم تغادرها في الحياة.
الأحساس الذي يهيمن على البطلة، وهي في نهاية عقدها السابع، بأن لا أحد يكترث لها حيث الجمهور يتعامل مع مشاعرها وآلامها وهمومها بأنها جزء من عرض مسرحي، ما يتسبّب في دخولها حالة من الحزن واليأس والإحباط، وهي لا تزال تنتظر حبيبها، فتبدأ بالشرب بشكل مفروط لتنتهي ليلة تكريمها بوفاتها على الخشبة وحيدة بعد أن احتشدت صالات العرض بالناس في مسرحياتها السابقة، لكنها أدّت أجمل أدوارها من دونهم.