أدهم صولي.. في صراعات الدولة العربية

22 اغسطس 2024
يساهم الكتاب في نقاشات تدور حول علاقات الأنظمة الحاكمة بمجتمعاتها
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **محتوى الكتاب وهيكله**: يتناول كتاب "الدولة العربية - معضلات التشكُّل المتأخِّر" لأدهم صولي موضوع الدولة العربية الحديثة من خلال مقدمة وخمسة فصول وخاتمة، ويستعرض صراعاتها الداخلية والخارجية وأسباب ثبات بعض الأنظمة.

- **تحليل الدولة العربية**: يصف الكتاب الدولة العربية ككيان تطوَّر متأخرًا مقارنة بأوروبا، ويربط بين نظريات السياسة المقارنة والعلاقات الدولية، مع التركيز على السعودية والعراق.

- **نتائج الانتفاضات العربية**: يقدم الكتاب تفسيرًا لنتائج انتفاضات 2011، موضحًا تحول الأنظمة الائتلافية إلى حكم عائلي، ويحلل متانة الأنظمة في السعودية، الكويت، والأردن.

ضمن سلسلة "ترجمان" في "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، صدرت النسخة العربية من كتاب "الدولة العربية - معضلات التشكُّل المتأخِّر" لأستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية والباحث أدهم صولي، بترجمة مجد أبو عامر ويارا نصّار.

يشتمل الكتاب على مقدمة وخمسة فصول وخاتمة، تتناول بالبحث "الدولة العربية الحديثة" وملابسات صراعاتها في الداخل والخارج، وأسباب ثبات أنظمة البعض منها، في خضم المحاولات الحثيثة لإقامة أنظمة ديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط وإمكان تعديل حدود دولها. 

في خضم المحاولات الأكاديمية عُرِّفت الدولة العربية تارة بأنها صناعة غربية، وتارة أخرى بـ "نظام دخيل في بيئة لا تقبله"، وأحيانًا بـ "كيان لا مقومات للدولة الحديثة فيه"، وغيرها من التعريفات. وفي تعريف مضادّ، صُوّرت الدولة العربية باعتبارها كيانًا سياسيًّا معبِّرًا عن تطلعات شعوبه وضاربًا بجذوره في تاريخ المنطقة، بحسب بيان "المركز العربي".

يعالج الكتاب موضوعَ الدولة العربية بمقاربة سوسيوتاريخية واستنادًا إلى نظريات عابرة للتخصصات

وبين التعريفين يصف الكتاب الدولة العربية بكيان تطوَّر متأخرًا مقارنة بنظرائه في أوروبا، ويستعرض، في خضم المحاولات الخارجية الحثيثة لإضعاف الدولة في الشرق الأوسط، أسبابَ محافظة الدولة المتأخرة التشكُّل على تماسكها وثبات حدودها، رابطًا بين نظريات حقلَي السياسة المقارنة والعلاقات الدولية، ما يساهم في سد فجوة في أدبيات الدولة العربية الواقعة عند تقاطع المستويين المحلي والدولي، والمتميّزة بخصوصية قواها الثقافية والمادية التي تجسِّد سلوكها.

يعالج الكتاب موضوعَ الدولة العربية بمقاربة سوسيوتاريخية واستنادًا إلى نظريات عابرة للتخصصات ومستقاة من علوم العلاقات الدولية، والاجتماع، والتاريخ، ودراسات الشرق الأوسط، طارحًا أسئلة إشكالية تحاول إثارة نقاشات علمية في الأوساط الأكاديمية في شأن الدولة العربية ومميزاتها، وما يفرّقها عن النظام السياسي، وظروف نشأتها بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية، وعواقب سلوك بعض الأنظمة خلال محاولاتها بناء دول، متناولًا حالات عامة لدول عربية عدة، ومتعمّقًا في شرح تفصيلي لتشكُّل دولتين على وجه الخصوص هما: المملكة العربية السعودية والعراق، مبيِّنًا أن بقاء دولة وطنية مئة عام بعد نشأتها لا يعزى إلى العوامل المحلية فحسب، بل إلى العوامل الدولية أيضًا.

تقدِّم الطبعة العربية للكتاب تفسيرًا مفيدًا لنتائج انتفاضات عام 2011 المتفاوتة في العالم العربي

ويساهم الكتاب في نقاشات عن الدولة العربية كانت ولا تزال جارية نظريًّا وإمبريقيًّا، وتدور حول علاقات الأنظمة الحاكمة بمجتمعاتها، والصراعات القائمة حول القيم السياسية الأمثل لإدارة هذه المجتمعات، وخصوصًا بعد ثبات المنظومات العربية الحاكمة في وجه الانتفاضات السياسية التي ثارت ضدها للمطالبة ببناء دولة حديثة محصَّنة أمام التدخلات الخارجية، مُرجِعًا هذا الثبات إلى تجذُّر الطائفية السياسية، وإلى كون الانتفاضات لم تخرج في نضالها عن إطار الدولة، خصمها الذي قمعها خلال عشرات السنين، ما أسفر عن صعوبة بالغة في أي تغيير سياسي سلس وغير دموي ويحافظ على البلاد وأهلها ووحدتها.

تقدِّم الطبعة العربية للكتاب تفسيرًا مفيدًا لنتائج انتفاضات عام 2011 المتفاوتة في العالم العربي، وتُظهر كيف آلَ النظام الائتلافي لشرائح واسعة في السلطة إلى حكم عائلي في نهاية المطاف، مصحوبًا بانقسامات اجتماعية وقبَلية وطائفية وإثنية، وما تبع ذلك من انهيار لهذه الدول في ظل حروب أهلية عندما حاولت الأنظمة الحاكمة قمع الانتفاضات، وكيف ترافق ذلك كله مع الحفاظ على الكيان الوطني وثبات الحدود في هذه الدول، وإن جرى خرقها خلال فترة وجيزة مع داعش والكرد وأمثالهم، كما أنه يستعرض آخر التطورات في المنطقة العربية وتباين سيرورات بناء الدول فيها. وفي تفسير التباينات المذكورة آنفًا، يمعن الكتاب النظر في عوامل عدة، أولها: كيفية بناء الدولة منذ نشأتها، وثانيها: التركيبة الاجتماعية للدولة، وثالثها: موقعها الجيوسياسي، على الرغم من أنه أخطأ في نتيجة التحليل في ما يخص مصر وتونس، حين توقّع بتفاؤل إمكانية التغيير السياسي فيهما، على النقيض مما آلت إليه المجريات هناك والانتكاسات التي أصابت البلدين بعد كتابه على عكس ما توقّع.

وفي خضم الحديث عن متانة الأنظمة والاستقرار النسبي اللذين سادا بعض الممالك العربية في ظل الانتفاضات، مثل السعودية والكويت والأردن وقطر وغيرها، قدّم الكتاب في حالة السعودية تفسيرات لذلك، مثل التجانس النسبي لمجتمعها، وثروتها النفطية، وتوافر الحماية الدولية، واحتكار نظامها مصادر بناء الدولة الثلاثة، أي: العنف والأيديولوجيا والموارد الاقتصادية، وثباتها خلال الانتفاضات بقوة على سياستها الخارجية التقليدية تاريخيًّا، المتمثلة في تمتين التحالف مع القوى المحافظة على "ستاتيكو" دول الخليج الراهن، وتفعيل التصدّي لمحاولات استغلال وضع الجوار المتوتر من الإخوان المسلمين وإيران وكل القوى التي حاولت تغيير ميزان القوى لمصلحتها.

يحلِّل الفصل الأول "الدول والفضاءات الاجتماعية" مفهوميًّا الدولةَ وفضاءاتها الاجتماعية بوصفها سلسلة من عمليات التشكل والتفكك، ويدرس طبيعة الفضاءات الاجتماعية التي تحدِّد الديناميات السياسية وسيرورات تطور الدولة.

ويعرض الفصل الثاني "تشكيل الشرق الأوسط: الأناركية الدولية والاستجابات المحلية"، العوامل التي أتاحت تشكل الدولة في الشرق الأوسط، ويدرس رسم الحدود السياسية في ضوء توسّع التنافس الأوروبي في العالم والشرق الأوسط، والعوامل الجيوسياسية في ظهور الفضاءات الاجتماعية في المنطقة.

ويراجع الفصل الثالث "الدولة المتأخرة التشكُّل: الأنطولوجيا والمعضلات وشروط البقاء"، ما سبق عرضه من فضاءات اجتماعية وليدة، مركِّزًا على تركيبتها، وطبيعة الدولة المتأخرة التشكل، والمعضلات التي تواجهها أثناء محاولتها التأقلم مع الضغوط الداخلية والخارجية.

أما الفصل الرابع "المملكة العربية السعودية: بقاء الدولة في مجتمع متجانس"، ففيه عرض تحليلي تاريخي معمق لتشكُّل الدولة السعودية وسلوكها، تتخلله دراسة للقوى التي كفلت بقاء الدولة والنظام. ويخالف الفصل الطرائق السابقة التي فسّرت بقاء الدولة السعودية بالتركيز على الإسلام وعائدات النفط فقط.

ويتناول الفصل الخامس "العراق: بقاء الدولة في مجتمع غير متجانس"، أسئلة ملحّة عن تشكّل الدولة وتَفكّكها في حالة العراق كونه دولة غير متجانسة التركيب وذات موقع استراتيجي، وأهمها سؤال: كيف يستمرّ العراق دولة ذات إقليم ترابي رغم انقساماته الطائفية والإثنية؟

المساهمون