في أيلول/ سبتمبر العام الماضي، عُرضت مسرحية "آية" من إخراج أحمد سرور وتأليف محمد المعايطة للمرّة الأولى، والتي بُنيت على حوار عابر يحدث بالصدفة بين رجلٍ وامرأة عمّانيين حول همومهما الخاصة التي تتداخل مع قضايا أكبر تتعلّق بتحوّلات المدينة، وما يعيشه سكّانها من تشوّهات واضطرابات.
أعيد عرض المسرحية مع تقديم عمل آخر بعنوان "عمّان الجديدة" على خشبة "مسرح الشمس" في عمّان منذ نيسان/ أبريل الماضي، وتدور أحداثه حول شخصيتين عمّانيتين بسيطتين يحلمان بـ "المدينة الفاضلة المثالية" بعد إعلان الحكومة الأردنية عن مشروع مدينة عمّان الجديدة.
تندرج المسرحيتان ضمن مشروع انطلق بعد تقديم المؤلّف والمخرج مسرحية "تابو" قبل حوالي عامين، حيث اجتمع فريق مكوّن من أربعة مسرحيين (بالإضافة إلى الممثلين) وقاموا بعملية عصف ذهني وكانت النتيجة عدة نُسخ أولية وتجريبية من المسرحية، وصولاً إلى النسخة الأخيرة التي تمَّ اعتمادها، ولا تزال قابلة للتطوير مع كل عرض جديد لها، وهو ما انطبق على معالجة أعمالهم الأخرى.
في حديث لـ"العربي الجديد"، يقول أحمد سرور "انبثقت فكرة المشروع الذي أثمر عن ثلاثة أعمال حتى اليوم، من الحاجة لوجود مسرح بسيط لا يعتمد على تكاليف إنتاجية عالية، وبالتالي إنتاج عروض تشبهنا كصنّاع مسرح، وقريبة من الشباب، وتتحدّث بلغتهم، وتتناول مشكلاتهم"، موضحاً أن سعيّ المسرحيّ للحصول على التمويل ينبغي أن لا يلغي هامش التعبير عن رؤيته بأدواته الخاصة.
ويرى أن العروض التي يصنعها لا تعتمد على مخرج مسرحي، حيث يتقاسم مع محمد المعايطة خلق جميع عناصر العرض، مؤمناً أنَّ المسرح، كما قدّمه إسخيلوس ويوربيديس وسوفوكليس في الحضارة اليونانية، يستند في الأصل على الكاتب أكثر من المخرج، وأن مسرحياته هي نتاج عملية تشاركية في الكتابة والإخراج، بالإضافة إلى التعامل مع ممثلين محترفين مثل سلسلبيلا أحمد وإسحاق إلياس.
"لم يكن لدي هذا الهوس بتمرين الممثلين على الأداء بقدر ما كان الهوس إخراج أفضل نسخة من الشخصية التي يقدّمونها من خلال فهمهم العميق لها"، يضيف سرور الذي يلفت إلى أنّه لم يطلب من الممثل أن يؤدي ما يريده هو كمخرج، بل كان عليه أن يقدّم رؤية الممثل أيضاً، ما انعكس إيجاباً على مضامين العرض.
ويشير إلى أنَّ مسرحه يشبهه إلى حدّ بعيد، حيث يتضمّن شخصيات لديها ردود فعل على الحياة ولا تمتلك القدرة على الفعل؛ شخصيات بسيطة تقدّم مخاوفها وأفكارها وأحلامها، وصراعاتها مع الواقع الموجود وغير المثير للاهتمام أحياناً، أو الواقع الذي يبتر الحلم أو الذي يمنعك من الإفصاح عن كامل أفكارك أحياناً أخرى، مبيناً أن مسرحية "آية" تعكس حواراً بين غريبين، رجل وامرأة، على أحد مطلّات عمّان منطلقاً من نص مبني على الصدفة، حتى يكتشفان حجم تشابه ما يشعران ويفكران به.
من جهة أخرى، يشكو سرور من عدم وجود فرق مستقلّة قادرة على تقديم عروض دائمة، ما يسبّب نوعاً من الإرهاق للمشتغلين في المسرح الذي يعاني من قلّة المتابعين في الأردن، مبيّناً أنه حتى تتطور هذه الشريحة وتكبر، يجب أن تُعرض مسرحيات لعدد من المخرجين في الوقت نفسه، وتُصنع حالة من التنافسية تبدو مفتقدة في المسرح الأردني.
يختم صاحب مسرحية "تابو" حديثه بالقول "نحن نعمل في مساحة عدم القدرة على إنتاج مسرح. ولذلك يصعب تقييم تجربتنا لأنها عبارة عن ردّة فعل على عدم وجود مسرح يومي أو دائم في الأردن خارج المهرجانات، ومحاولة لإبقاء مسرح مرتبط بالجمهور والناس والقضايا اليومية".