أحمد إبراهيم أبو شوك.. كرونولوجيا الثورة السودانية

02 ابريل 2021
(غرافيتي عن الثورة السودانية)
+ الخط -

ضمن سلسلة "التحول الديمقراطي"، صدر حديثًا عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" كتاب "الثورة السودانية (2018 -2019): مقاربة توثيقية - تحليلية لدوافعها ومراحلها وتحدياتها"، وفيه يحاول الباحث أحمد إبراهيم أبو شوك تقديم مقاربةً توثيقية تحليلية لـ ثورة ديسمبر 2018 في السودان، والتي أسقطت الرئيس السوداني عمر حسن البشير وبعض رموز نظام الإنقاذ الذي حكم البلاد طيلة قرابة ثلاثة عقود.

يعرض الكتاب وقائع المفاوضات التي جرت بين القيادة الثورية (قوى إعلان الحرية والتغيير) وقيادة اللجنة الأمنية العليا، الممثلة آنذاك في المجلس العسكري، وكيف أنّ تلك المفاوضات أفضت إلى إنجاز الوثيقة الدستورية التي أضحت تشكِّل المرجعية القانونية لهياكل الحكومة الانتقالية وأولوياتها السياسية، واختصاصاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية.

كما يقرأ العمل التحديات التي تواجه الفترة الانتقالية (2019-2022)، مقارنةً بتجارب الانتقال الديمقراطي السابقة لها في السودان، وكذلك في ضوء الواقع المعقد سياسيًّا وعسكريًّا، والمهدد بمحاولات بعض القُوى الإقليمية المتصارعة، والطامعة في فرض نفوذها السياسي عبر بوابة الأزمة الاقتصادية التي يعانيها أهل السودان.

يتضمن الكتاب تقديماً سبعة فصول وتقديماً وخاتمة. في التقديم الذي كتبه المفكر العربي عزمي بشارة، بعنوان "تحديات بحجم السودان وثورته"، يقول: "إن الثورة السودانية افتتحت الموجة الثانية من الثورات العربية؛ إذ تبعتها ثورة الجزائر، والحراك الثوري في لبنان، ورافقها، مستمرًا مِن قبلها إلى ما بعدها، الحراك الثوري ضد نظام المحاصصة الطائفية والفساد في العراق، وإنّ للسودان تجربته الخاصة والفريدة عربيًّا لناحية مروره بتجارب ديمقراطية برلمانية حقيقية متكررة لم تحقق تداولًا سلميًّا للسلطة، بل تبعتها انقلابات عسكرية. ويمكن اعتبار النظام الحزبي الراسخ في السودان، وعهد أجيال من السودانيين بالحرية السياسية شواهد على هذه التجارب. لكن - مع ذلك - لا بأس بأن يستفيد السودانيون من تجارب الثورات العربية، فهي مفيدة، وتحتوي راهنيتها على عناصر لم تكن قائمة في التجارب السودانية".

استفاد السودانيون من الثورات العربية التي احتوت عناصر لم تكن قائمة في تجاربهم السابقة

في الفصل الأول، "الإنقاذ والثورة والفاعلون الثوريون"، يقدّم الكاتب مقاربةً تحليلية عن حكومة الإنقاذ (1989-2019)، ومرتكزاتها الفكرية والسياسية، والأسباب غير المباشرة التي أدّت إلى اندلاع الثورة الشعبية السودانية في كانون الأول/ ديسمبر 2018، ودور الفاعل الثوري وآليات نضاله السلمية ضد نظام الإنقاذ الحاكم آنذاك.

وفي الفصل الثاني، "يوميات الثورة: لحظة الاندلاع وتداعياتها"، يعرض أبو شوك أحداث الثورة السودانية منذ اندلاع شرارتها الأولى في مدينة الدمازين في ولاية النيل الأزرق، من 13 كانون الأول/ ديسمبر 2018 حتى نهاية الشهر نفسه الذي شكّل خطًّا فاصلًا بين الاحتجاجات العفوية للثورة وإعلان قوى الحرية والتغيير في 1 كانون الثاني/ يناير 2019.

وفي الفصل الثالث، "الثورة وخطاب السلطة (1 كانون الثاني/ يناير - 6 نيسان/ أبريل 2019)"، يوضّح أن التظاهرات اتسمت بالسلمية والمشاركة الشبابية الواسعة من الجنسين، وتصميم الثوار على إسقاط النظام، وتأسيس نظام ديمقراطي مستدام يلبّي استحقاقات الحرية والسلام والعدالة، بينما كانت رؤية الحكومة حبيسة النظرة الأمنية، ورهينة المطمع الشخصي المرتبط باستبقاء البشير في سدة الحكم؛ لذلك عجز صنّاع القرار السياسي والحزب الحاكم عن تقديم أي حلول سياسية مقنعة إلى المتظاهرين. كما عجز الإعلام المرئي والمقروء والمسموع في السودان عن عرض الصورة الحقيقية للرأي العامّ.

الثورة السودانية - القسم الثقافي

ويتضمن الفصل الرابع، "الاعتصام أمام القيادة العامة"، مقاربة تحليلية عن تحول موكب "السودان الوطن الواحد"، في السادس من نيسان/ أبريل 2019، إلى اعتصام ثوري أمام مقر القيادة العامَّة لقوات الشعب المسلَّحة، بهدف إزاحة الرئيس البشير من سدة الحكم، من دون شرطٍ أو قيد. ويجيب هذا الفصل عن جملة من الأسئلة: كيف تحوّل الموكب إلى اعتصام؟ وما الأجندة السياسية الجديدة التي طرحها المعتصمون؟ وما التحديات التي واجهت المعتصمين في الميدان؟ وما القيم السياسية والاجتماعية التي أرساها أدب الاعتصام على أرض الواقع؟ وما مظاهر الحياة اليومية والأنشطة المصاحبة لها داخل أرض الاعتصام؟ وما المسوغات التي دفعت المجلس العسكري الحاكم آنذاك إلى فض الاعتصام بالقوة، قبل يومين من عيد الفطر، أي في 3 حزيران/ يونيو 2019؟

ويتناول الفصل الخامس، "المبادرات والمفاوضات: أين يكمن الحل؟"، المبادرات التي قدَّمتها شخصيات وكيانات سياسية ومهنية قبل إسقاط نظام حكومة الإنقاذ، ثم يحلل خلفياتها السياسية والمهنية والجوانب المشتركة التي تجمع بينها من حيث المحتوى والغايات السياسية، والتحديات التي واجهت إمكان صوغها في مبادرة واحدة، والصعوبات التي اكتنفت عملية تطبيقها على أرض الواقع. ويتناول هذا الفصل، أيضًا، مسيرة المفاوضات بعد إسقاط النظام والتعقيدات التي مرّت بها إلى تاريخ فض الاعتصام.

يعرض أحداث الثورة السودانية ومآلاتها منذ انطلاقها في نهاية 2018  حتى نهاية 2019

وفي الفصل السادس، "المفاوضات بعد فضّ الاعتصام: التحدي والاستجابة"، يناقش أبو شوك مسيرة المفاوضات بعد أحداث فض الاعتصام، ودور ممثل الاتحاد الأفريقي في تقريب وجهات النظر بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير، وإقناع هذه الأطراف بالعودة إلى طاولة المفاوضات التي أفضت إلى توقيع الاتفاق السياسي والوثيقة الدستورية، ثم تأسيس هياكل السلطة الانتقالية واختصاصاتها.

ويتطرق الفصل السابع والأخير، "الحكومة الانتقالية وتحديات الانتقال الديمقراطي"، إلى أجهزة الحكومة الانتقالية واختصاصاتها وسلطاتها، وفقًا لنصوص الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية لسنة 2019، وكيف تمَّت إجراءات تشكيلها بحسب المصفوفة الزمنية المرفقة مع الوثيقة الدستورية التي وافق الطرفان عليها، وطبيعة التحديات التي تواجهها. ويخلص المؤلف إلى أن التحديات التي ذُكرت سابقًا تشكّل، من دون جدالٍ، جملة من العوائق أمام تحقيق الانتقال الديمقراطي السلس، وإلى أنّ تجاوز مثل هذه التحديات يحتاج إلى رؤية استراتيجية وطنية، تُبادر إليها الحكومة الانتقالية وتتفق عليها القوى الاجتماعية والكيانات السياسية الفاعلة في المجتمع السوداني.

ويخصص الباحث خاتمة الكتاب للفترة الانتقالية الحالية (2019–2022)، ومقارنتها بالفترتين السابقتين لها (1964- 1965 و1985–1986)، وأوجه الشبه والاختلاف بينها، وكيفية الإفادة من الأخطاء السابقة وتوظيفها في تجاوز تحديات الفترة الانتقالية الماثلة، فضلًا عن طبيعة التحديات التي تواجه الحكومة الانتقالية، والكيفية التي يمكن من خلالها تجاوزها لتحقيق وضع أفضل في سبيل التحول الديمقراطي المستدام، على أنّ الخاتمة لا تتطرق إلى أداء الحكومة الانتقالية بعد تشكيل مؤسساتها الدستورية (مجلس السيادة، ومجلس الوزراء)؛ أي إنّ الكتاب ينتهي زمنيًا مع نهاية عام 2019.

يُذكر أن أحمد إبراهيم أبو شوك يعمل أستاذً للتاريخ الحديث والمعاصر في جامعة قطر. حصل على شهادة الدكتوراه في التاريخ في "جامعة بيرغن" بالنرويج عام 1998. عمل باحثًا في "مركز دراسات الشرق الأوسط والعالم الإسلامي" في الجامعة نفسها (1995-1999)، ثم أستاذًا في قسم التاريخ والحضارة (1999-2012) في" الجامعة الإسلامية العالمية" بماليزيا. كما عمل باحثًا وأستاذًا زائرًا في "مركز دراسات الشرق الأوسط الحديث" ببرلين (2010، 2012، 2016)، و"جامعة بتسبيرغ الأميركية" (2015)، و"جامعة ويسكونسن" (2017). صدر له أكثر من عشرين كتابًا وسبعين بحثًا علميًّا.

المساهمون