"إذا ما اعتبرنا أنّ الانتماء يعني مكاناً ما، فلا شك أن هذا المكان سيكون داخل الحلم، حلمي، وسيكون متقطّعاً، لكنّه متكرّر مثل شظايا هربت من عقلي الباطني. أنا مسحورةٌ بعلاقة التفاعل بين المكان والهوية، وكيف تشكّل هذه العلاقة إحساسنا بالهوية".
بهذه الكلمات تعبّر الفنانة العراقية ريم البحراني (1995) عن معرضها "أحلام مراوِغة بالانتماء" الذي يستضيفه "غاليري آرت ديستركت" في بيروت حتى السادس من أيار/ مايو المقبل، حيث فيه هذه العلاقة التفاعلية المتوترة من خلال سلسلة من التكوينات على شكل بيوت، معظمها تطوّر من عالمٍ خيالي.
تستخدم البحراني البيوت كإشارات ورموز وملاحظات تتساءل فيها عن معنى "الوطن هوية" من خلال استكشاف قابليته الملموسة في سياق الهويات المفكّكة. غير أنَّ البحراني لا تفهم الهويات المفكّكة من خلال المفاهيم التقليدية التي تقول إنّ هوية الفرد تُحدَّد من خلال منزله، بل إنّها تسلّط الضوء على تعقيد وبساطة تشكيل الهوية لأولئك الذين يتطوّر إحساسهم، بشكل مستمر، إزاء الهوية والمكان.
تتمحور أعمال المعرض حول الافتراضات القاطعة للهوية
من خلال أعمالها، تحاول البحراني، المقيمة بين قطر والسويد، تحدّي الطبيعة الافتراضية لهوياتنا: "أسعى إلى تغيير تقاطعات المفاهيم التقليدية للفردانية والعمليات المتناقضة التي تحدِّد الانتماء وعدم الانتماء".
لا تعتبر الفنّانة العراقيّة، الحاصلة على ماجستير في تاريخ الفن من "جامعة يورك" البريطانية، البيوت حلّاً لفهم هوياتنا، لكنها تحاول استكشاف الإحساس بالذات، والذي يفتح مساحة يمكن من خلالها تحقيق الانتماء. وربما يعود ذلك إلى حالة الانتقال التي عاشتها الفنانة نفسها، فسفرها الدائم بين دول أوروبا والشرق الأوسط كان بمثابة تجربة أبعدتها جسدياً عن جذورها العراقية، وهكذا تَحوّل البيت أو البيوت إلى تفصيل حسي حثّها دائماً على البحث عن التواصل مع تراثها الثقافي.
تتمحور اللوحات والمنحوتات التي تصنعها البحراني حول الافتراضات القاطعة للهوية وارتباطها بالمفهوم الاجتماعي للبيت. ولهذا الغرض تستخدم بيوتاً بأشكال وترتيبات مختلفة لتصحيح فكرة أنَّ هوياتنا يتم تخصيصها وتسويتها. بالنسبة إليها، يفتح البيت نقاشاً حول الانتماء وعدم الانتماء، خصوصاً بين الأجيال الأكبر سناً والشباب ذوي الهويات المشتتة. هذا هو السبب في أنّ فنّها مبنيٌّ على تشكيلات مجرّدة للمدن والبيوت، مستندةً في هذا كلّه إلى ذكرياتها وخيالاتها لتحديد مفهوم: الوطن هوية.
بالنسبة إليها، البيوت المُحصَّنة تشبه إلى حدٍّ كبير هوياتنا، وتحديداً هويات الشتات التي تكون قوية ودفاعية بسبب ألم خسارتها أو مغادرتها.