آي ويوي: فنان أكلته الشهرة

11 نوفمبر 2020
آي ويوي (ت: إم كابلر، بيكتشر أليانس)
+ الخط -

تُعد تظاهرة "دوكيومنتا" واحدة من أبرز الأحداث الفنية في العالم، حيث انطلقت أول مرة عام 1955 وتقام كل خمسة أعوام في منطقة هسن-كاسل الألمانية موطن الأخوين غريم، وفي عام 2007 قرّر القائمون عليها استضافة فنان صيني يُدعى آي ويوي ولم يكن قبل هذا التاريخ يحظى بالشهرة التي يحظى بها اليوم.

كان العمل الذي قدمه الفنان المفاهيمي غريباً وخارجاً عن أشكال الفن المعروفة، رغم أنه يعتمد على واحدة من قصص الأخوين غريم، وأطلق عليه عنوان "فيري تيل" (قصة خرافية). قام آي ويوي بترتيب سفر 1001 مواطن صيني من مختلف الأعمار والخلفيات إلى هسن-كاسل طوال فترة المعرض، وقضى مئتا شخص في وقت واحد أسبوعاً في المدينة، وكانوا يزورون المعارض الأخرى وفعاليات التظاهرة بينما هم جزء من العمل الفني ذاته. ولتأكيد الحضور الصيني نقل آي ويوي 1001 كرسي صيني من عهد أسرة تشينغ (1644 - 1911) إلى المهرجان ووزعها على مساحات "دوكيومنتا" ليستخدمها الزوار، وهكذا في غمضة عين هيمنت الصين بالكامل على التظاهرة. 

بعد هذا العرض الغريب، أصبح آي ويوي فناناً يلفت إليه أنظار التظاهرات الدولية والفنانين والنقاد والقيمين، لتصل شهرته إلى ذروتها في 2011، حين جرى اعتقاله بينما هو متوجه من مطار بكين إلى هونغ كونغ، ولم يعرف مكانه أو مصيره لعدة أيام، قبل أن يُعلن رسمياً عن احتجازه لدى السلطات الصينية، ومكث في معتقله 81 يوماً تحولت هي الأخرى إلى عمل فني آخر. 

تكشف الحوارات الصحافية انسياقه وراء قالب "الفنان النجم"

مسار الشهرة هذا يضيئه كتاب صدر خلال العام الجاري عن منشورات جامعة كولومبيا الأميركية يضم الحوارات التي أجراها آي ويوي طيلة العقد الماضي مع منظّرين ونقاد وصحافيين وقيمين، وتناول خلالها مواضيع من قبيل علاقته بالصين ومعنى المواطنة ومسائل الفن والهجرة والمنفى وصناعة الفن والتكنولوجيا كأداة للحرية أو القمع. 

كما يتناول الكتاب، الذي يحمل عنوان "محاورات" علاقته بوالده الشاعر المنشق الذي أُجبر على الأشغال الشاقة في قرية صغيرة ضمن "الثورة الثقافية"، ويتحدّث كذلك عن حياته طالباً في "مدرسة بارسونز للفنون" في نيويورك قبل أن يضطر إلى تركها لأنه لم يتمكن من دفع نفقاتها، وعمله رسام بورتريهات للناس في الساحات، وغير ذلك من التفاصيل التي تصوّره بطلاً بشكل من الأشكال، حتى وهو اليوم من الفنانين الأثرى في العالم، هو الذي كان الاستوديو الذي امتكله في هونغ كونغ سابقاً كان يساوي قرابة المليون دولار. 

سواء في عمله الفنّي الذي قدّمه للجمهور العالمي، أو من خلال مشاكساته النظام في الصين، فإن آي ويوي يخرج دائماً من الدائرة المحدّدة للفن، ليفرض على الجميع أن ينظر إلى الفن بوصفه تدخلاً. 

كتب

اليوم، يعترف متابعو الفن، من نقّاد وصحافيين وفنانين، بأن آي ويوي قدّم رؤية خاصة في فهمه للممارسات العلائقية بين الفن الخاص والقضية العامة، لكن هل بقي الحال هكذا بعد أن غادر الصين عام  2015 وأقام في برلين التي قام بهجائها نهاية العام الماضي، معتبراً أن "النازية" كأيديولوجيا (تصريح نقلته ذي غارديان البريطانية) ما زالت موجودة في الحياة اليومية متمثلة في كراهية الغرباء ورفض أي وجهة نظر مغايرة للثقافة الألمانية، معلناً أنه "سيغادر ألمانيا لأنها لا تحتاجه فهي ثقافة متمركزة على ذاتها".

منطقة ظل أخرى تتبدّى بين سطور حوارات آي ويوي وهي الانسياق وراء قالب "الفنان النجم". أحياناً تجري الإشارة إلى التناقض بين مظهره بملابسه البسيطة ولحيته غير الحليق وأثمان أعماله العالية، وفي مناسبات أخرى تبدو شهرته التي تتمدّد باستمرار أمراً مزعجاً للفنانين - وحتى السياسيين - خصوصاً مع ظهوره عند كل أزمة.

الأرشيف
التحديثات الحية
المساهمون