آرام جوغيان.. وحدة تكوينية لونُها النار

17 يوليو 2022
"خريف" أكريليك على قماش
+ الخط -

حضرت النار واستعاراتها في تاريخ الفنون، حتّى الأفعال المرتبطة بها لطالما استخدمت للتدليل على التمكّن من الموهبة، وقدرة الفنّان على التقاط موضوعه وصهره وتشكيله من جديد. بالإضافة إلى ذلك هي عنصر من عناصر الطبيعة الأساسية، والتي توضع عادةً في مصفوفة واحدة مع الماء والتراب والهواء.

"ألعاب نارية" عنوان المعرض التشكيلي للفنّان اللبناني آرام جوغيان، والذي افتتح في "غاليري تانت" ببيروت في السادس من هذا الشهر ويستمرّ حتى الخامس من الشهر المقبل.

يحاور جوغيان (1959) النار في أعماله، يستلف منها ألواناً لا لوناً واحداً، وينفتحُ على الزرقة والاخضرار بما هي مشتقات من الأصول الحمراء والصفراء التي قد تبدو بديهية بعض الشيء. وما بين المشتق والأصلي نجد أنّ عناصر الطبيعة التي تمثّلها اللوحة تتجاوز الصخب أو التنافر، لتنتظم في وحدة تكوينية، وهذا ما تجلّى في لوحاته عن الفصول الأربعة التي يُهيَّأ أنّها تحملُ في ظاهرها تناقضاً وتمايُزات مختلفة، لكن بتأمّل بسيط سرعان ما تكشف عن تلك الوحدة التي تلفّ عناصر الوجود من حولنا. 

وكما الجمع بين الأصلي والمشتق، يأتي أسلوب التشكيلي متأسّساً على قاعدة التجريد واللعب على ما يخلقه من فضاءات واسعة وصولاً إلى حدّ الارتجال، ويبدو أنّ هاتين السّمتين تنبعثان بوصفهما توقيعاً اختطّه جوغيان  لنفسه وباتَ يُعرَف به خلال مشواره الفنّي الطويل، والمعارض التي يقيمها منذ (1975).

الصورة
شتاء - آرام جوغيان - القسم الثقافي
"شتاء" أكريليك على قماش

لا يمكن للمتلقّي أن يتجاوز الدفق الشعوري من ألعاب التشكيلي النارية، ربّما هي حميمية التفتيش عن الدفء الطبيعي في شرطه الأوّلي أو العادي، مقابل التعقيدات الحضرية الباردة، لا شكّ أنّ هذا أحد أهداف الأعمال، ولكن هناك أيضاً قسطٌ من الفراغ كامن في اللوحة هو مساحة الصمت والتأويل القديمة، فالحديث عن الفصول والنار والطبيعة ليست دائماً إحالة لشيء سابق وتكراري كدورة الفصول، إنّما هو تعامل مع اللوحة بوصفها نصّاً يفترض أنّ هناك متلقّياً جديداً ينتظره عند كلّ إعادة قراءة.

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون