"آخر البحر": هل مُنعت من العرض في "مهرجان الحمّامات"؟

30 يونيو 2024
من عرضٍ للمسرحية في مهرجان "24 ساعة مسرح دون انقطاع" الذي يُختتم اليوم في تونس العاصمة
+ الخط -
اظهر الملخص
- تبدأ الدورة الـ58 لمهرجان الحمامات الدولي في تونس من 5 يوليو إلى 3 أغسطس، احتفالًا بـ60 عامًا على افتتاح مسرح الهواء الطلق بعرض "عطيل" لشكسبير، والذي سيُعاد عرضه برؤية معاصرة.
- المهرجان يواجه جدلاً بعد منع مسرحية "آخر البحر" لأسباب أخلاقية، مما أثار انتقادات حادة من الأكاديميين ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرين القرار نقصًا في الفهم الثقافي.
- مدير المهرجان يوضح أن القرار لم يكن لأسباب أخلاقية بل لتكريم الفنانة منى نور الدين، مؤكدًا على التزام المهرجان بالاختيارات الفنية القائمة على توصيات اللجنة الفنية والهيئة المديرة.

في الخامس من الشهر المُقبل، تنطلق فعاليات الدورة الثامنة والخمسين من "مهرجان الحمّامات الدولي" في المدينة الواقعة شمالي شرق تونس، وتستمرّ حتى الثالث من أغسطس/ آب؛ دورة ستحتفي، وفق ما أعلنه المنظّمون، بمرور ستّين عاماً على افتتاح مسرح الهواء الطلق في "المركز الثقافي الدولي" بالمدينة، الذي شهد انطلاق الدورة الأُولى بعرض لمسرحية "عطيل" لشكسبير في الحادي والثلاثين من يوليو/ تموز 1964.

هذه المسرحية ستُعرض في المكان نفسه مع افتتاح الدورة الجديدة، لكن وفق رؤية إخراجية وسينوغرافية مُعاصرة، بإخراج حمّادي الوهايبي، لتستمرّ البرمجة التي تتوزّع بين العروض الغنائية والموسيقية والكوريغرافية، إضافة إلى العروض المسرحية التي تمنح المهرجان "خصوصية وهوية ثقافية وفنّية حافظ عليها منذ ستّة عقود"، وفق تصريح لمديره نجيب الكسراوي، الذي لخصّص هذه الخصوصية في "الانتصار للمسرح وانتقاء أفضل العروض من تونس وخارجها".

غير أنّ شعار انتصار المهرجان للفنّ الرابع سيوضع محلّ تساؤل، بعد تداوُل وسائل إعلام محلّية، في الأيام الماضية، خبراً عن منع المنظّمين مسرحية "آخر البحر" للمُخرج التونسي الفاضل الجعايبي (إنتاج المسرح الوطني التونسي ومركز الفنون في جربة) من المشاركة في الدورة الثامنة والخمسين "بتبريرات أخلاقية"، وهو ما أثار ردات فعل مندِّدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

تروي المسرحية قصّة امرأة يمنية تهاجر إلى تونس بحثاً عن حياة أفضل

في حسابه على فيسبوك، كتب الأكاديمي والناقد المسرحي التونسي عبد الحليم المسعودي: "العقل الثقافوي الذي يمارس الرقابة على مسرحية 'آخر البحر' للفاضل الجعايبي، ويحرمها من المشاركة في برنامج مهرجان الحمّامات الدولي بتعلّات أخلاقوية لا يستأهل أن يكون مسؤولاً عن الشأن الثقافي في مؤسّسة ثقافية بحجم المركز الدولي المتوسّطي للحمامات، ولا أظنّ أنّ هذا 'العقل' يفقه شيئاً في المسرح التونسي، أو في تاريخه الإبداعي والنضالي، أو في فاعلية العلاقة بين المسرح وجمهوره"، مُضيفاً أنّ القرار "يُبرهن عن تلك البذاءة الذهنية الرسوبية والنكوص الارتدادي المتخفّي باسم الأخلاقوي على حساب بناء الوعي العامّ نقدياً وتفكيكياً عبر الفنّ الجادّ، وعن ذلك الفقر المدقع لفهم التحوُّلات الفكرية والجمالية التي تعيشها تونس منذ الثورة".

أثار كلام المسعودي تفاعُلاً واسعاً؛ حيث جرت مشاركتُه والتعليق عليه بشكل لافت، خصوصاً من قِبل مشتغلين في مجال المسرح، أجمع كثيرٌ منهم على التنديد بالمنع، بينما قال بعضهم إنّه تعرّض لتجربة مماثلة.

ردّاً على ذلك، قال مدير المهرجان، نجيب الكسرواي، إنّ كلّ ما قيل ويُقال عن منع المسرحية من المشاركة لا أساس له من الصحّة، موضّحاً في تصريح لوكالة الأنباء التونسية أنّ "المسرح الوطني" رشّح عملَين؛ هُما "آخر البحر" لفاضل الجعايبي، و"رقصة سماء" لطاهر عيسى بالعربي، فجرى اختيار الثانية "تكريماً للفنّانة منى نور الدين (مواليد 1939) التي تُشارك فيها، والتي كانت من بين المشاركين في العرض الافتتاحي للدورة التأسيسية عام 1964".

ورفض الكسراوي اتّهام المهرجان باستبعاد المسرحية "لأسباب أخلاقية"، قائلاً: "نحن بعيدون عن هذه الممارسة، وبرمجة الأعمال الفنّية لا تتمّ وفق أهواء مدير المهرجان، بل تنطلق من الرأي الاستشاري للجنة الفنّية وقرار الهيئة المديرة".

يُذكَر أنّ "آخر البحر"، التي عُرضت لأوّل مرّة في يناير/ كانون الثاني الماضي، هي خامس مسرحية يُقدّمها فاضل الجعايبي (1945) بعد الثورة التونسية، وهي استكمالٌ لمسرحياته الأربعة: "تسونامي" (2013) و"العنف" (2015) و"الخوف" (2016) و"مارتير" (2020)، التي يتناول فيها الواقع التونسي بعد 2011. في ثلاث ساعات، تروي المسرحية، المقتبسة من أسطورة ميديا الإغريقية، قصّة امرأة يمنية يدفعها البحث عن حياة أفضل لمغادرة اليمن إلى تونس، باعتبارها بلداً يتمتّع بالحقوق والحريات واحترام المرأة، لكنها تواجه فيه واقعاً لا يقلّ سوءاً عن ذلك الذي تركته وراءها.

المساهمون